رغم أنف العقبات التي حاولت أن توقف عجلة الحياة منذ أن بدأت جائحة كورونا استطعنا بفضل الله أن نستخلص الحلول من رحم الامتحان الصعب الذي مررنا به في الفترة الماضية، فقد اتخذت المملكة إجراءات حكيمة وفق أعلى درجات الوقاية الطبية مما جعلها مثالا للاقتداء ونبراسا للفخر لتكون بذلك حديث العالم في مدى حرصها على سلامة كل من هو على أرضها مهما كانت جنسيته، ولم تغفل عن محاولة تأمين الاستقرار الاقتصادي من خلال عودة الكثير من الأنشطة وفق اشتراطات عالية المستوى تضمن للجميع السلامة والمنفعة المستدامة بالرغم من أننا ما زلنا نعاني من ذلك العدو الغاشم.
ولما للسلك التعليمي من أهمية قصوى في غرس القيم الوطنية والثقافية والاجتماعية وحاجة ملحة لا تقبل التأجيل أو التعطيل بأي شكل من الأشكال، شهدنا تطورا ملحوظا في العملية التعليمية من خلال استخدام الوسائل المتعددة والتقنيات الحديثة في التعليم عن بعد، إذ أن طلابنا الأعزاء في جميع المراحل التعليمية موعودون بتجربة جديدة وفريدة في الفترة القادمة من خلال تطبيق نظام التعليم عن بعد، فقد كانت المملكة عصية في التنازل عن حق أبنائنا في التعليم حتى وإن كانت الجائحة لا تزال تحوم في الأفق، إذ أن هذا القرار الحكيم يصب في تحقيق هدفين أساسيين ألا وهما الحد من انتشار الفيروس من خلال تقليل التجمعات وعدم حرمان أبنائنا من حقهم في التعليم، فإن وجود الفيروس لا يعني الانقطاع عن كل ما قد ينمي الفرد ويخدم المجتمع.
هنا يبدأ دور الأسرة في متابعة أبنائها أثناء التعليم عن بعد، والمشاركة في الحد من الآثار السلبية التي خلفتها الجائحة من خلال التعاون مع الدولة في سبيل تفعيل مبدأ التعليم الرقمي المستدام، فإن صح القول هم الآن في مرحلة «التعليم عن قرب» من أسرهم مما قد ينعكس بشكل إيجابي على الصعيد النفسي للأبناء، كما يسهم في اكتسابهم بعض المهارات الشخصية مثل تولي مسؤولية التعلم الذاتي والإلمام بعالم التكنولوجيا فيما قد يخدمهم في المستقبل، إذ أننا نعتبر في عصر الانفجار المعلوماتي والتكنولوجي إن صحت التسمية مما يتطلب تحقيق منظومة تعليمية تتماشى مع هذا التقدم المتسارع، كما أنه من الطبيعي أن يجد بعض الطلاب أو الأسر صعوبات في فهم هذه الآلية وتعثرا في إتقان مفاهيمها، ولكن سرعان ما سيزول ذلك بإذن الله من خلال الممارسة، ونسأل الله أن يعود طلابنا إلى مدارسهم في القريب العاجل، فمن المؤكد أن حضور الطالب وتفاعله المباشر مع المعلم من أهم الركائز في المنظومة التعليمية، وما نحن عليه الآن هو بمثابة حل مؤقت وإنجاز كبير في سبيل الإبقاء على استمرار سير العجلة التعليمية مهما كانت الظروف وإلحاقها بالإلمام في استخدام تقنيات الاتصال الرقمي في عملية التعليم للصغير قبل الكبير.
11Labanda@