التحريج على المناصب والعضويات

في كل منطقة إدارية بالمملكة نجد تواجدًا لفروع الجهات الحكومية، بالإضافة لبعض المنافذ الحدودية والواجهات الرئيسية للمنطقة، ولا تخلو أي منطقة إدارية من تواجد للغرف التجارية، بالإضافة للجان والمجالس المناطقية بكافة أنواعها، وفي هذا المقال أكتب عن وجهة نظر شخصية حول آلية الترشيح والتعيين المناطقية التي من المهم أن يُعاد النظر فيها، والسبب الرئيس في ذلك هو أن أي ممارسة للترشيح أو التعيين تندرج ضمن أساسيات صناعة القيادات، والتي تعتبر من أهم الصناعات التي تدعم رؤية المملكة والمتغيّرات التي نشهدها.
في البداية من المهم أن أوضح لقارئ المقال أنه لا يعتبر مضمونه تقليلًا من قدر ومؤهلات ثرواتنا البشرية الحالية أو تقليلًا من أي عضو في المجالس أو اللجان الحالية المناطقية، ورؤية التطوير التي نشهدها في الوقت الحالي دفعتني للكتابة عن هذا الموضوع المهم، والذي سيكون له تأثير إيجابي على أطراف عديدة، والاهتمام فيه من خلال تطبيق أفضل الممارسات في استقطاب وتعيين الكفاءات البشرية يُعتبر محورًا أساسيًا للتميز والتنافس المؤسسي حتى لا نصل لمرحلة «التحريج على المناصب والعضويات».
هناك أساسيات تُقاس بها عملية التعيين أو الترشيح، سواء كان منصبًا ثابتًا أو مجلسًا معينًا أو حتى عضوية لجنة من اللجان المعتمدة، ويجب أن تخضع إلى مواصفات ومعايير مهنية واجتماعية يُراعى فيها تراكم الخبرات الفنية والإدارية والتوازن والقيادة بالرؤية، بالإضافة إلى مهارة التصريح لأي جهة، سواء كانت إعلامية أو للجمهور، وبالتأكيد من المهم أن يشمل ذلك المسح الأمني ومراجعة التوجّه الفكري خاصة من خلال منصات التواصل الاجتماعي وكيفية التعامل مع القضايا والأخبار والقرارات.
الغرض من التعيين أو الترشيح يُعتبر مسؤولية وليس رفاهية، وينبغي ألا يرتبط ذلك بالمعرفة الشخصية كمعيار وحيد حتى لا نصل لظاهرة الترزز الاجتماعي، والتي تعتبر حاجزًا للتطور، ومن المهم أن تتم تلك الممارسات وفق معايير وشروط محددة لها جانب فني وجوانب أخرى تختلف من موقع لآخر، فلكل مرحلة ولكل موقع ومنصب متطلبات لمهارات ومؤهلات وسمات شخصية يتفاوت مستواها، ولا يوجد ارتباط مباشر بينها وبين «العمر» حتى لا نظلم الكفاءات ونخسر البعض منها في تعيينهم بمواقع قد يكون تواجدهم في غيرها إضافة.
التعيينات والترشيحات تندرج تحت ''صناعة القيادات"، والتي ينبغي أن تكون صناعة مستمرة ومتواصلة في المملكة، فالإمكانيات بالثروة البشرية التي نمتلكها كبيرة "ولله الحمد"، والكفاءات المحلية في انتظار الإشارة فقط، وكوجهة نظر شخصية أرى أهمية وحاجة لأن يكون لدينا "تجمع" أو "منصة" للكوادر المحلية المناطقية المميزة في مختلف التخصصات للرجوع إليها عند الحاجة ويتم تحديثها بشكل دوري، وبالإضافة لذلك أصبح من المهم أن نؤسس مراكز مناطقية لتقييم الكفاءات المحلية من خلال إجراءات معتمدة وفقًا لأفضل الممارسات حتى يتم الاختيار الصحيح الذي يخدمنا ويعود بالنفع على المجتمع والمناطق.
ما أتمناه في الفترة المقبلة أن تكون هناك صلاحيات أكبر لإمارات المناطق وبآليات مطورة في كل قرارات التعيين والترشيح المناطقية، سواء كانت لفروع الجهات العامة واللجان والمجالس بكافة أنواعها والمنافذ الحدودية التي تعتبر واجهات رئيسية للمنطقة، وإضافة لذلك تكون هناك صلاحيات استثنائية للترقية والتكليف بكافة أنواعها، ويتم اعتماد "بند الكفاءات" لإمارات المناطق، كما هو الحال في بعض الوزارات.
ختامًا.. اقترحت في مقال سابق أهمية استحداث وكالة للثروة البشرية في الهيكل التنظيمي لإمارات المناطق، ومن خلالها سيتشكّل لدينا نموذج مميز وفريد في تعيين الكفاءات المناطقية بشكل تنافسي؛ مما يساهم ويعزز من تحقيق العديد من المستهدفات، سواء كانت مناطقية أو عامة.
@Khaled_Bn_Moh