قلت من قبل، كما قال غيري، إن لوباء كورونا، رغم مأساويته الكبرى، أكثر من وجه إيجابي. ومن هذه الوجوه المؤكدة تجربة التعليم عن بعد وما يترتب عليها من مسؤوليات ونتائج. أهم هذه المسؤوليات هي اختبار أولياء الأمور الذين يقع الآن أكثر من ثلثي كرة التعليم والانضباط والتقييم في ملعبهم.. وهذا، بطبيعة الحال، سيمثل اختبارا حقيقيا لهم بعد عقود من انتقاداتهم المتواصلة لمنظومة التعليم ومناهجها وفصولها ومدرسيها ومدرساتها. عليهم الآن، دون أن يكون لهم أدنى خيار، أن يثبتوا أنهم على قدر المسؤولية المناطة بهم باعتبارهم طرفا حقيقيا مؤثرا في نجاح أبنائهم وتقدمهم.
وقت الانتقادات السهلة والكلام العابر (للكنبات والمجالس والاستراحات) انتهى بعد أن أصبح الأبناء والبنات يتعلمون في بيوتهم. وكما ينجح طلاب وطالبات ويرسبون سينجح أيضا أولياء أمور ويرسب أولياء أمور آخرون. وبنجاحهم ورسوبهم سنعرف من تحمل مسؤولياته ومن لا يزال يعلق فشله وفشل أولاده وبناته في رقاب الآخرين.
هذا شيء والشيء الآخر هو أن على وزارة التعليم أن تواصل هذا الجهد الكبير والموفق لتوفير كافة أسباب التعليم عن بعد، ليس لمواجهة واقع كورونا والوقاية منه، بل للمستقبل الذي يتضح الآن أنه سيكون (رقميا) بحتا في التعليم وفي غير التعليم. من المؤكد أن الوزارة لم تكن على وتيرة نشطة في هذا المجال قبل كورونا، لكنها الآن، بسببه ومن جراء ضغوطه، نشطت واتخذت جملة تدابير ممتازة نأمل أن تستمر وتتعاظم وتؤدي إلى نتائج حقيقية ملموسة إلى أن نصل إلى الوقت الذي نقفل فيه، وبشكل نهائي، آخر مبنى مدرسي. الفرصة أمامنا متاحة، وإمكانياتنا هائلة في هذا المجال، وها هي تجرب على أعلى مستوى تنظيمي وتقني وتمكيني.
نريد أن نحسب ونجرد هذه التجربة الرائعة، بحرص شديد، لنستوعبها ونضيف عليها ما هو كفيل بأخذنا إلى ذلك المستقبل الذي ينتظره العالم كله ويعد له عدته ولوازمه. وعودا على ذي بدء فإن أولياء الأمور سيكون لهم يد طولى في تحقيق هذا المستقبل.
@ma_alosaimi