تركيا تنتهك
وأضافت: تنتهك تركيا بشكل منهجي المياه الإقليمية لقبرص واليونان. ورغم إدانة الاتحاد الأوروبي في مايو الماضي لتصعيد تركيا للانتهاكات في المجال الجوي الوطني اليوناني، بما في ذلك التحليق فوق المناطق المأهولة بالسكان والبحر الإقليمي، في انتهاك للقانون الدولي، إلا أن الإدانة لم توقف الانتهاكات من قبل تركيا.
ومضت تقول: بعد الاتفاق بين اليونان ومصر، نشرت تركيا مرة أخرى سفينة أبحاث للتنقيب عن احتياطيات النفط والغاز المحتملة داخل الجرف القاري لليونان، في استمرار لسياسة تحدي اليونان وقبرص.
ولفتت إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال في 19 أغسطس الماضي إنه لا توجد قوة استعمارية يمكن أن تحرم أنقرة من موارد النفط والغاز الغنية في هذه المنطقة، رغم أن تركيا نفسها قوة استعمارية.
وأردفت الكاتبة: تحتل تركيا شمال قبرص منذ عام 1974. ولا تعترف حكومة أنقرة بجمهورية قبرص كدولة، وتطالب بـ 44% من المنطقة الاقتصادية الحصرية القبرصية. وتطالب ما يسمى بالجمهورية التركية لشمال قبرص بجزء كبير آخر من تلك المنطقة في الشمال المحتل للجزيرة التي تعترف بها تركيا فقط.
ونقلت الكاتبة عن الدكتور جيورجوس كنتاس، الأستاذ المشارك في السياسة الدولية والحوكمة في جامعة نيقوسيا، قوله للموقع: سياسة تركيا في شرق المتوسط جزء لا يتجزأ من إستراتيجية أوسع لتوسيع نفوذ تركيا في الشرق الأوسط والخليج وإفريقيا.
هيمنة جيوسياسية
وأوضح كنتاس أن الهدف من تلك السياسة هو فرض الهيمنة الجيوسياسية على الإقليم بلا منازع، بحيث تستطيع أنقرة تحديد التطورات الكبيرة والمهمة، ويتم تنفيذ هذه السياسة من خلال مزيج من أدوات القوة الناعمة والصلبة.
ولفت كنتاس إلى أنه فيما يتعلق باليونان وقبرص، يبدو أن تركيا مستعدة لاستخدام القوة العسكرية لفرض خططها.
ومضى يقول: منذ ما يقرب من عقدين من الزمن، تعمل تركيا تحت قيادة أردوغان على تطوير إستراتيجية السيطرة على مناطق بحرية كبيرة. هذه الإستراتيجية المعروفة باسم «الوطن الأزرق» تبدأ من البحر الأسود وتمتد عبر بحر إيجة باتجاه المناطق البحرية لليبيا ومصر وإسرائيل وسوريا.
وأردف كنتاس: تعتقد تركيا أنه يتعيّن على قبرص واليونان الخضوع طوعًا لمعايير الوطن الأزرق، وإلا فإنهما ستواجهان عواقب قوتها العسكرية، موضحًا أن كل تحركات برنامجها «فير» الشرعي للمسوحات السيزمية في المناطق البحرية لقبرص، لم يتم الرد عليها في الغالب باستثناء بعض تصريحات تلك الدول وبعض العقوبات الرمزية من قبل الاتحاد الأوروبي.
وأشار إلى أنه فيما يخص اليونان، تحاول أنقرة فرض نظام مهيمن على المناطق البحرية اليونانية التي تطالب بها أثينا في شرق المتوسط.
وأردف يقول: طوّرت تركيا قوتها العسكرية وتكتسب وسائل مختلفة لتحدي الزخم الجيوسياسي الناتج عن سلسلة من اتفاقيات ترسيم الحدود بين قبرص ومصر ولبنان وإسرائيل. كما تقوّض تركيا برنامج النفط والغاز في قبرص.
قوى متطرفة
ووفقًا لهاريس ساماراس، الخبير في المنطقة الاقتصادية الخالصة القبرصية ورئيس شركة خدمات مصرفية استثمارية دولية، فإن السياسة الخارجية لتركيا في شرق البحر المتوسط هي إلى حد كبير امتداد لسياساتها المحلية التي تشكلها القوى القومية والإسلامية المتطرفة.
وأوضح ساماراس أن أردوغان، مستلهمًا الثورة الإيرانية التي اندلعت عام 1979، انتهج سياسات حدت من الحريات والحقوق الفردية، وتدعم على الصعيد العالمي التطرف، كما في دعم تنظيمات داعش، وبوكو حرام والقاعدة والنظام الإيراني.
وأشار ساماراس إلى 3 أسباب رئيسية تؤجج عدوان تركيا على اليونان والسلوك القومي التركي المتطرف في شرق المتوسط، أهمها رغبة أردوغان في قيادة العالم الإسلامي، كوريث للإمبراطورية العثمانية، حتى أن بعض تصريحاته تشبه تصريحات قادة داعش.
أما السبب الثاني، فهو الاعتراف الأمريكي بالواقع الذي تفرضه تركيا وإنكار الأوروبيين للمخالفات التركية في الإقليم، بما يضعف الغرب ومصداقيته، وبما يفيد روسيا وإيران والإرهاب.
أما السبب الثالث فهو تراجع شعبية أردوغان وحزب العدالة والتنمية إلى أدنى مستوى منذ بداية عهده الاستبدادي.
محسوبية وفساد
وأوضح ساماراس أن هذا نتيجة لاستيلائه المنهجي على السلطة والمحسوبية والفساد، مشيرًا إلى أنه في ضوء حالة الاقتصاد التي يُرثى لها، فإن تحويل متحف آيا صوفيا إلى مسجد ودبلوماسية الزوارق الحربية في شرق المتوسط، أمور مطلوبة لتوجيه مصالح مواطنيه المستقطبين في أماكن أخرى بعيدًا عن البؤس الذي أحدثته إدارته الكريهة.
وأضاف ساماراس: إن أردوغان يتوقع الآن أن المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، أفضل حليف له، ستجبر اليونان على الدخول في مناقشات، وهو يأمل أنه تحت ضغط ألمانيا ستمتثل اليونان لبيع جزء من سيادتها.
وتابع ساماراس: مع ذلك، يتعيّن على العالم الغربي مواجهة الواقع التركي ومعالجته، خاصة أن أي احتمال بوجود تركيا ذات توجّه غربي قد ولّى. من جهتها، قالت آنا كوكيدس بروكوبيو، عضو المجلس الاستشاري لمركز الشؤون الأوروبية والدولية في جامعة نيقوسيا: إن العدوان التركي على اليونان ليس بالأمر الجديد. على سبيل المثال، كان هناك عدد لا يُحصى من انتهاكات المجال الجوي في السنوات الأخيرة. تركيا تأخذ كل شيء إلى مستوى مختلف في الوقت الحاضر. هذا التوتر التدريجي، يهدف أولًا إلى اختبار المياه، بالمعنى الحرفي والمجازي.