وفي عام 1370هـ بدأت أعمال الهدم للمباني المجاورة للمسجد النبوي الشريف، وانتهت العمارة والتوسعة في عهد الملك سعود بن عبدالعزيز - رحمه الله - عام 1375هـ، ونتج عن المشروع إضافة 6033 مترا مربعا، وبذلك أصبح مجمل العمارة السعودية 12.271 مترا مربعا، أما المآذن فقد شيدت ليبلغ ارتفاعها 72 مترا.
وفي عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - جرى توسيع المسجد النبوي الشريف، بإضافة 35 ألف متر مربع، ثم إضافة 5550 مترا مربعا وذلك سنة 1395هـ.
وفي عهد الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - شب حريق في سوق القماشة عام 1397هـ، وأزيلت المنطقة وسويت أرضيتها، وأضيفت إلى المسجد بمساحة 43 ألف متر مربع.
وفي عهد الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - وُضع حجر الأساس لمشروع التوسعة، عام 1405هـ، وجرت إضافة مبنى جديد بجانب مبنى المسجد الحالى يحيط ويتصل به من الشمال والشرق والغرب بمساحة قدرها 82 ألف متر مربع، يستوعب 167 ألف مصل، لتصبح مساحته الإجمالية 98.500 متر مربع.
وفي عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - أطلقت أكبر توسعة للمسجد النبوي الشريف على مدى التاريخ، إلى جانب مشروع مظلات المسجد النبوي التي أمر بها وهي من المشروعات العملاقة، لتصل طاقة المسجد النبوي الاستيعابية بموجبها إلى مليوني مصل.
وتتواصل مسيرة العناية والاهتمام بالحرمين الشريفين وقاصديهما في هذا العهد الزاهر بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله إذ يؤكد - أيده الله - في كل محفل على أهمية المسيرة والحرص على متابعة العمل في مشروعات التوسعة الكبرى بالحرمين الشريفين، ومن ذلك الاهتمام بمشروع تبليط الساحات الغربية للمسجد، كما صدرت الموافقة السامية على البدء بتنفيذ المشاريع التطويرية والتحديث التشغيلي والفني لنظام الصوت وأنظمة التيار الخفيف والأنظمة الكهروميكانيكية بالمسجد النبوي الشريف ومرافقه، وذلك وفق أحدث التقنيات المتوافرة عالميا.
ويحظى المسجد النبوي الشريف بجانب بارز من رؤية المملكة الطموحة 2030 التي قدمها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، التي تهدف إلى عمارة الحرمين الشريفين وتحسين كل الخدمات وتذليل جميع الصعاب، ليجد الحاج والمعتمر والزائر كل السبل المعينة على تأديته لعبادته.
أماكن مقدسة
يحتضن المسجد النبوي «الروضة الشريفة»، التي تقع غربي الحجرة النبوية مباشرة، وتمتد إلى المنبر وتبلغ مساحتها نحو 330 مترا مربعا، وتضم المحراب النبوي الذي يقع في الجزء الغربي منها، ويحد الروضة من الجنوب سياج من النحاس يفصلها عن زيادتي عمر وعثمان - رضي الله عنهما -.
وتزخر المدينة المنورة بالعديد من الأماكن الدينية والتاريخية، التي تعد شاهدا على عظم مكانة هذه البلدة، وارتباطها بسيرة وحياة النبي، عليه الصلاة والسلام، ومن تلك الأماكن «مسجد قباء»، الذي يقع في جانبها الجنوبي الغربي، ويعد أول مسجد أسس على التقوى، وقد شارك الرسول - صلى الله عليه وسلم - أصحابه في بناء المسجد، وشهد أكبر توسعة خلال العهد السعودي.
ومن أهم المعالم التي يزورها القادمون إلى المدينة المنورة من الحجاج والزوار، منطقة «المساجد السبعة» التي تقع في الجهة الغربية من جبل سلع، عند جزء من الخندق الذي حفره المسلمون في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، للدفاع عن المدينة المنورة، إبان غزوة «الأحزاب»، في السنة الخامسة للهجرة، ويعد مسجد الفتح أكبر تلك المساجد، وقد سمي بهذا الاسم لأنه مصلى رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام، في تلك الغزوة.
وتضم المدينة أيضا «مسجد القبلتين»، ويطلق عليه مسمى مسجد «بني سلمة» لوقوعه في مواطن بني سلمة، و«مسجد الجمعة الشهير» وسمي بذلك لأن النبي صلى فيه أول جمعة حين أقبل من قرية قباء متجها إلى المدينة، إضافة إلى مساجد «عاتكة»، و«السقيا»، و«الغمامة» و«الإجابة» و«ذي الحليفة».
جبال وأودية
عرفت المدينة المنورة بتعدد جبالها وأوديتها، التي ارتبطت بسيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أهم هذه الجبال «جبل أحد»، وتقع إلى جواره مقبرة «شهداء أحد»، وكذلك «جبل عير»، و«جبل سلع»، الذي وقعت على سفوحه أو بالقرب منه عدة أحداث مهمة، أهمها «غزوة الخندق»، وكان سفح جبل «سلع» مقرا لقيادة المسلمين.
وتمتد بين سفوح جبال المدينة المنورة أودية تشرف ثراها بملامسة أقدام خير الورى عليه أفضل الصلاة والسلام، وشهدت بطون تلك الأودية حضارات قديمة استوطنت المدينة المنورة، أو مرت بها، وذكر بعضها في سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويعد «وادي العقيق» أو «الوادي المبارك» من أهم هذه الأودية، فقد جعله الله تبارك وتعالى من البقاع الطيبة، وذكر النبي عليه الصلاة والسلام هذا الوادي في أحاديث كثيرة، تبين فضله وجمال طبيعته، إضافة إلى «وادي بطحان» المعروف بـ «سيل أبو جيدة»، وكذلك «وادي قناة» أحد أهم أودية المدينة المنورة وأكبرها.
ونزلت العديد من القبائل العربية على ضفاف «وادي الرانوناء»، وظلت ضفافه مزدهرة وعامرة بالسكان حتى عهد العصر النبوي، وامتدت إليه منازل بعض القبائل الأخرى، حتى كانت المزارع تغطي أجزاء كبيرة من مساره. ومن أودية الحرة الجنوبية «وادي مهزور»، الذي نزلت على ضفافه القبائل القديمة، وقامت حضارة عريقة كانت جزءا مهما من أجزاء حضارة المدينة المنورة قبل الإسلام، إضافة إلى «وادي مذينب».
تتبوأ المدينة المنورة مكانة عظيمة في أفئدة المسلمين، لما تحمله من إرث ديني وتاريخي بارز، باعتبارها مدينة الرسول -صلى الله عليه وسلم، ونبع الإيمان، ومكان التقاء المهاجرين والأنصار، إليها هاجر رسول الرحمة، وفيها دفن. ولمكانتها الثقافية والتاريخية والاجتماعية التي ارتبطت بسيرة نبي الرحمة والهدى، فقد حظيت المدينة المنورة بالرعاية والاهتمام والتطوير على مر العصور، وشهد المسجد النبوي نحو 10 توسعات متعاقبة، أكبرها جرت في عهد الدولة السعودية.