والتعليم الذي كان العمود الفقري له -وما زال- هو المعلم، كان لـ «كوفيد-19» أيضاً اعتراض على ذلك، حيث يرى أن الأسرة لابد أن تكون أكثر قرباً من أبنائها في التعلم وأن تمارس التعليم بشكل فعلي كشريك يجب أن يكون أفضل مما هو عليه الآن في التعليم التقليدي.
والمعلم الذي كان يرى البعض تقليدية دوره وتهوين مهمته داخل المدرسة أو أن جهوده لا تتعدى تنظيم الطلاب أو إسكاتهم، كان لكورونا رأي آخر مختلف في تصحيح تلك النظرة، حيث أدرك المجتمع خلال فترة انتقال التعليم إلكترونياً عظم دوره وتأثير غيابه على أبنائهم، حتى تمنى المجتمع -كما هو المعلم- عودة الدراسة وانتظامها إيماناً منهم بأن المعلم هو بالفعل حجر الزاوية في التربية والتعليم، وأنه لا يمكن لأحد أن يسد الثغرة التي رفع راية الاستعداد لها.
وفي هذا الصدد، على الرغم من أن الأنظمة التعليمية والدراسات التربوية تؤكد على أن دور الأسرة دور رئيسي بالمشاركة الفعلية في استكمال ما انتهت إليه المدرسة في يومها الدراسي، إلا أن هذا الدور لم يكن في بعض المجتمعات على المستوى المطلوب، بل كان دون الطموح بغض النظر عما يبرر ذلك من مشاغل الوالدين في أعمالهم وغيرها، فالشراكة من أجل الأبناء وسواعد الوطن أعلى وأغلى الشراكات التي يجب رعايتها والاهتمام بها بل والعمل على تطويرها.
واستشعاراً لهذه الشراكة وإيماناً بها، طورت وزارة التعليم منظومة التعليم لتضمن إشراك الأسرة في متابعة أبنائهم من خلال بناء منصة «مدرستي» التي احتضنت الأسرة لتكون معلماً ومربياً وشريكاً يعمل مع المدرسة نحو تقليل الفاقد التعليمي، وهو هدف يمكن تحقيقه عند العمل عليه بين المدرسة والأسرة.
ستقوم المدرسة والمعلم ووزارة التعليم وإداراتها بكامل استعداداتها وإمكانياتها المادية والبشرية لضمان تعليم وفق أعلى درجات الجودة خلال أزمة كورونا، ولكن ذلك سيبقى مرهوناً بما يقدمه الشريك الأول وهي الأسرة من متابعة ورعاية. فالمسافة والفجوة بين المعلم والطالب خلال أزمة كورونا بعيدة وكبيرة، ومن هنا وجب أن تعمل الأسرة على تقليل هذه الفجوة وتقريب هذه المسافة بالعمل المشترك والمتابعة المستمرة والإصرار على التغلب على كافة التحديات الاجتماعية والعملية التي قد تحول دون ذلك.
إن المتأمل فيما حققته وزارة التعليم من خلال أنظمتها الإلكترونية لتطوير منصة «مدرستي» وفي غضون خمسة أشهر، ليدرك أن التعليم في بلدنا يحظى بعناية ودعم من قيادة هذه البلاد ومسؤوليها من أجل ضمان استمرار بناء أبناء هذا الوطن معرفياً ومهارياً وفق أعلى إمكانيات التعليم والتعلم، ولا أدل على ذلك من إنشاء وزارة التعليم إدارة عامة تعنى بالتعليم عن بعد والتعلم الإلكتروني لتضمن استدامته وتسليح طلابها بمهارات الرقمنة.
إن هذه الاستعدادات الفاعلة لتبعث بالاطمئنان للمجتمع وأولياء الأمور بأن التعليم عن بعد لن يكون عقبة ولا تحدياً، بل سيكون منعطفاً جديداً وفرصة لن تتكرر نحو زيادة مهارات ومعارف الطلاب بمهارات القرن الحالي والمستقبل المجهول، كما أنه يحمل التربويين والمعلمين على وجه الخصوص مسؤولية أكبر تجاه تجويد ما يقدم عبر منصة «مدرستي» وزيادة مهاراتهم الرقمية والتقنية والتي أثبتت تجربة العام الماضي أنهم كانوا على قدر المسؤولية واستحقوا بذلك أن يكونوا «أبطال التعليم».