ويتضح أن العقارات عالميا ومحليا تتذبذب بدرجة عالية وسريعة من حيث القيمة والعائدات متأثرة بالأزمات الاقتصادية والسياسية والحروب والسياسات الحكومية. إلى جانب هذا التذبذب القاسي والحاد، تظهر مشكلة تسييل العقارات خلال الأزمات، حيث يصعب تسييلها بسرعة إلا إذا كانت الأسعار منخفضة دون سعر السوق.
الذهب أقل تذبذبا من العقارات، لكنه بطيء الصعود وبنسبة متواضعة في معظم الأحيان وعلى فترة زمنية طويلة. وإذا صعد الذهب ببطء فإن هبوطه سيكون بسرعة كما حدث عند ارتفاع أونصة الذهب قبل حوالي 10 أعوام عندما ارتفع من 1200 دولار أمريكي إلى 1900 دولار خلال عدة شهور ليعود بسرعة عالية دون 1300 دولار، وكان ذلك في أقل من شهر ونصف الشهر، ما علق نسبة كبيرة من المستثمرين في مستويات سعرية عالية بين 1600 دولار و1900 دولار متوقعين أن السعر سيبلغ 2500 دولار أمريكي للأونصة لأنهم توقعوا من غير مصادر علمية موثوقة المزيد من التراجع في قيمة الدولار الأمريكي ما سيدفع الذهب لمواصلة الارتفاع فوق مستويات 2000 دولار للأونصة. لقد عاود الذهب الارتفاع مرة أخرى في الشهرين الماضيين، حيث اخترق حاجز 2000 دولار، لكنني أتوقع تراجعه دون 2000 دولار في الشهور القليلة القادمة لأسباب سياسية واقتصادية ووبائية.
وإجمالا فإن الاستثمار في الذهب قرار إستراتيجي بعيد الأجل بينما الاستثمار في العقار يتصف في معظم الحالات بالمدى القصير، وكثرة التدوير ليجني المستثمرون الأرباح في حال بيعه. وهذا ما حصل في سوق العقارات السعودية التي تضخمت بسبب التدوير من غير تطوير. باختصار الاستثمار في الذهب خيار مناسب في الأجل الطويل لأنه أقل تذبذبا وأكثر طلبا استثماريا، أما في الأجل القصير فإن العقار خيار مناسب، خاصة إذا كانت الظروف الاقتصادية العقارية ملائمة.
وأرى ضرورة التنويع الاستثماري في الذهب والعقارات بمعادلة متوازنة بعد استشارة المتخصصين في مجال الاستثمارات. وعلى المستثمر أن يقرأ الظروف الاقتصادية والسياسية الإقليمية والعالمية ليكون قراره مدروسا ومبنيا على معلومات كافية وموثوقة. وعلى المستثمر أن يحدد مدى حاجته للسيولة النقدية ليقرر بناء عليها الاستثمار في الذهب أو في العقار أو عدمه.
@dr_abdulwahhab