المادة 299
وتشير إحصاءات وزارة العدل لعام 2019 عن ملاحقة السلطات 36 ألفا و66 شخصا خلال عام واحد وخضوع 12 ألفا و298 منهم للمحاكمة استنادا إلى المادة 299 من القانون التركي، التي تنص على معاقبة مَنْ يهينون الرئيس بالسجن من عام حتى أربعة أعوام وزيادة العقوبة بنسبة السدس في حال ارتكابها علانية.
وتعكس الإحصاءات السنوية زيادة بالآلاف في أعداد مَنْ خضعوا للمحاكمة بتهمة إهانة الرئيس ومَنْ تمت إدانتهم بهذه التهمة خلال عهد أردوغان مقارنة بالرؤساء السابقين، الذين لم يكونوا ينتمون رسميا لأي حزب سياسي.
ارتفعت التحقيقات والإدانات بشأن المادة 299 بشكل كبير منذ أن تولى أردوغان منصبه كرئيس في عام 2014.
إهانة الرئيس
يُذكر أنّ ما مجموعه 340 شخصًا واجهوا المحاكمة بتهمة إهانة الرئيس خلال ولاية الرئيس السابق كنعان إيفرين، التي دامت 9 سنوات، وتولى السلطة في عام 1982 بعد الانقلاب العسكري عام 1980.
أما خلال ولاية تورغوت أوزال، من عام 1989 إلى 1993، فقد انخفض العدد إلى 207 أشخاص، ثم إلى 158 شخصاً خلال فترة حكم سليمان ديميريل من 1993 إلى 2000.
وكان أول ضحايا «إهانة الرئيس» مطلع 2019، مدير أحد البنوك العالمية الكبرى في تركيا، وهو رئيس فرع مجموعة إتش.إس.بي.سي هولدنج المصرفية البريطانية في تركيا سليم كيرفانسي، وكان واحداً من أرفع المسؤولين، الذين تطالهم حملة الحكومة التركية ضد المعارضين.
وقام كيرفانسي، بإعادة نشر فيديو على موقع التواصل الاجتماعي تويتر أثناء الاحتجاجات الشعبية الواسعة ضد حكم أردوغان منذ خمس سنوات. وكان هذا الفيديو مقتبس من الفيلم الألماني «السقوط»، الذي عرض عام 2004 ويحكي قصة الأيام الأخيرة من حكم الزعيم النازي في ألمانيا أدولف هتلر في أواخر الحرب العالمية الثانية.
اعتقال تسعيني
ومنذ أيام اعتقلت السلطات التركية رجلاً يبلغ من العمر 90 عامًا بتهمة إهانة مستشار أردوغان، حيث تمّ اعتقال حسن بصري أيدين، مدرس متقاعد (90 عامًا)، في مطار أسطنبول، حيث أتى للعلاج، وذلك بتهمة إهانة جميل جيجك عضو المجلس الاستشاري الأعلى للرئاسة التركية ووزير العدل بين عامي 2002 و2007، وعضو حزب العدالة والتنمية الحاكم.
وتتراوح عقوبة إهانة الرئيس التركي والمسؤولين الحكوميين بين سنة وأربع سنوات، بحسب قانون العقوبات التركي.
وتستخدم الحكومة التركية منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي ورسوماً متحركة وأخبارا ومقالات كدليل على إهانة الرئيس، ويواجه آلاف الأشخاص أحكامًا بالسجن.
ذريعة السلطة
وأصبحت تهمة إهانة أردوغان ذريعة للسلطات التركية للتضييق على معارضيها، من خلال تحويل أيّ انتقاد للرئيس التركي وسياساته إلى اتّهام بالإهانة، والسعي لمحاكمة المنتقدين وسجنهم لاحقاً.
وأثناء الانتخابات الرئاسية التركية الأخيرة في 2018، أمرت محكمة تركية باعتقال 12 شخصا بتهمة إهانة أردوغان خلال تجمع لمرشح المعارضة محرم إينجه، الذي نافس أردوغان بشراسة رغم تغييب الإعلام التركي لحملته الانتخابية.
ومنذ انقلاب عام 2016 تعرضت تركيا لحملة قمع أمني عنيفة وتنكيل بالمعارضين، وفي عام 2018 انتقلت تركيا من نظام الحكم البرلماني إلى الرئاسي، الذي وسع من سلطات الرئيس أردوغان بشكل كبير، على حساب الجهات التشريعية والقضائية، الأمر الذي تبعه زيادة في قمع المعارضة وتقييد الحريات.
ولا يزال مسلسل الاعتقال والسجن والتقديم للمحاكمة بتهمة إهانة أردوغان مفعلا بشكل متصاعد، وتكون ذريعة للاتهام والإدانة، وكأن على كل مَنْ في تركيا التمجيد باسمه وتقديم فروض الطاعة والولاء له، وقمع أي صوت معارض له.
إهانة «الصهر»
أصبحت الإشارة إلى كلمة «الصهر» في الإعلام التركي، بمثابة تهمة يمكن أن تودي بصاحبها إلى السجن بذريعة إهانة وزير المالية التركي بيرات البيرق، صهر أردوغان.
وتحيل كلمة «الصهر» في تركيا من باب الغمز إلى بيرات البيرق ذي النفوذ المتعاظم، الذي يقدّم على أنّه قد يكون وريث أردوغان في قيادة حزب العدالة والتنمية الحاكم، ناهيك عن تحكمه بالاقتصاد والخزانة، وسيطرته على عدد من وسائل الإعلام في البلاد.
وفتح الادعاء التركي تحقيقاً مع عضو مجلس إدارة نادي بشيكتاش لكرة القدم في أسطنبول بتهمة إهانة وزير المالية وصهر أردوغان، بيرات البيرق، بسبب خطاب أشار فيه إلى شخص لم يُسمّ اسمه باسم «الصهر»، بحسب ما ذكرت صحيفة «بيان».
محاكمة صحفيين
وبعد مباراة فبراير بين بشيكتاش وغوزتبه سبور، انتقد علي رضا ديزدار الحكم لانتهاكه قواعد معينة، قائلا إن انتهاك الحكم كان يهدف إلى استرضاء «الصهر».
وفي وقت سابق من عام 2020، رفع البيرق دعوى قضائية ضد صحيفة «جمهورييت» لتعويضه عن الأضرار، التي سبّبتها له بسبب نشرها عموداً صحفياً يشير أيضًا إلى «الصهر»، بالإضافة إلى صحفي «جمهورييت» هيزال أوكاك لإبلاغه عن قطعة أرض اشتراها.
وبحسب صحيفة «بيان»، فإن ستة صحفيين واجهوا المحاكمة بتهمة الإبلاغ عن رسائل البريد الإلكتروني المسربة من البيرق، في حين حُكم على كاتب العمود اليومي اليساريّ بيرغون إبراهيم فارلي بغرامة لتورط البيرق في تسريبات أوراق بنما.
وأمرت محكمة في أسطنبول بحظر الوصول إلى أكثر من 200 قصة إخبارية عن شراء الأرض في البيرق على طول مشروع القناة المائية الاصطناعية كانال أسطنبول.