الظروف الآنية في عصر الجائحة اختصر علينا مراحل التمهيد للرؤية 2030-2040 وما بعدها، إنه بحق يختصر علينا عقدين من الزمن في عجالة، بيد أن الأمر يلزمه الكثير، لدينا هنات لوجستية في عملية التعليم، ومواكبة التعليم الرقمي اليوم صعب جدا على التعليم الخاص فكيف بالتعليم الحكومي.
الاستثمار في التعليم الرقمي يبدو أنه بات متطلبا لدى المدارس الخاصة وليس خيارا، فهي تستعد لتستبدل خسائرها خلال الفترة الماضية والتي كلفتها الكثير. أما المدارس الحكومية في أغلب دولنا فهي مدارس تقليدية جدا بمناهجها وماهيتها، حتى أن هناك مدارس تحتاج إلى ترميم أو إعادة البناء، فهي متهالكة والأدوات فيها بدائية، وإن كانت الكوادر التعليمية في المدارس الحكومية في الخليج هي من أفضل الكوادر على الإطلاق، لقد أسست وأنشأت وربت أجيالا بكل جهد وجد، وهم يستحقون منا كل الشكر والفخر، لدينا أفضل أجيال معلمين ومؤسسين ومربين، سواء كوادرنا الوطنية أو الوافدة، ولكن هناك حقيقة يجب إدراكها، أغلب الكادر التعليمي الحكومي في بلداننا غير مؤهل للانتقال من التعليم التقليدي إلى التعليم الرقمي بهذه الكيفية وهو يستحق التأهيل والأمر يحتاج لمران ووقت ومال. بل العملية تحتاج أيضا إلى توفير الأدوات واللوجستيات وتوفير التقنية الملائمة، وإلى إدارة تعليمية مهيئة.
الحقيقة تقول، هناك أفراد يبرعون جدا في مجال عملهم ومتفوقون فيه، ولديهم كافة المهارات المطلوبة التي تجعلهم بهذا النجاح ولكنهم في استخدام التقنية غير مبالين، أو مهاراتهم بسيطة، الجميع يحتاج لتأهيل.
التعليم الرقمي ليس مشابها أبدا لاستخدام برنامج الواتساب، ولا لبرامج التواصل الاجتماعي، إنه يخلط بين أسلوبين متناغمين جيدا، تعلم التقنية والتدريب عليها كوسيلة توصيل، بالإضافة إلى المنهج أو المقرر التدريسي الذي يجب أن يعد الطالب على الاعتماد على نفسه.
سنحتاج للاستثمار في التعليم الرقمي، سنحتاج بشدة إلى إدماج الشركات في عملية التعليم عبر الاستثمار والتعاون، سيلزم الأمر الحكومة أن تبادر باتفاقيات مع شركات لتوفير اللوجستيات والتقنية هو أمر لابد منه في الوقت الحاضر للأسر والعائلات، وإلى تأهيل مطور للكوادر، وعلى المدى المتوسط يجب أن تتحول الشراكات إلى مشاريع استثمارية في مجال التعليم الرقمي، سنحتاج إلى مبانٍ وأدوات وكوادر مدربة ومؤهلة لن تستطيع الحكومة وحدها القيام بذلك.
سنحتاج لبرامج توعية لتغيير أسلوبنا نحن كأفراد، من الاعتماد على الهيئة التدريسية والأبوية والتعامل مع اللوحيات الذكية ومنصات التعليم بمسؤولية واهتمام مع دائرة الأطراف الثلاثة الأسرة والطالب والمعلم.
أكثر ما أجده إيجابيا في هذه العملية، أن تتحول الأجيال إلى المناهج الرقمية سريعا، واستخدام أجهزتها الذكية في مجال التعلم، وتخريج كوادر ذات خبرات تقنية وجهوزية عالية.
حين نفتش عن إيجابيات جائحة كورونا، إنها تختصر علينا تنفيذ خطط كان يعد لها أن تنفذ على مدى متوسط وطويل، عبر آليات عمل غاية في البيروقراطية، إنها تحول أجيالنا لمراتب التعليم المطلوب.
قد نفشل، قد نواجه الكثير من العقبات والتحديات، ولكن أفضل ما في الأمر أننا دخلنا هذه المرحلة ولحاجتنا الضرورية وسنتعلم وسنواصل حتى ننجح.
@hana_maki