وإضافة إلى كل ذلك، نوعية الطعام في السجن سيئة للغاية، والخدمات الطبية ممنوعة عن السجناء السياسيين، ويُسمح لكل سجين بمقابلة الطبيب كل ثلاثة أشهر فقط، وعادة ما يصف الطبيب ثلاثة أنواع فقط من الأدوية، بغض النظر عن مشكلة الفرد، وأصبح فيروس «كورونا» كارثة في هذا المكان المزدحم، حيث يُحرم السجناء من العلاج في المستشفى، ولا يتلقون أي دواء بعد ظهور أعراض الوباء.
انتشار «كورونا»
وحول انتشار فيروس «كورونا» في السجون قال إن قلة النظافة في السجن بسبب نقص المستلزمات الصحية، وعدم اتباع الإرشادات الصحية، كما أن غرف الحبس قذرة وتنتشر بها الحشرات، وعدد كبير من المسؤولين والموظفين والعاملين في السجن مصابون بفيروس كورونا لاختلاطهم بالمرضى، أيضًا الطعام الذي يقدمونه ملوث، وسبب تفشي الفيروس؛ إذ لا توجد نظافة أثناء الطهي، ويقدم متجر السجن فواكه وخضراوات رديئة، ولا يمكننا تطهير الفاكهة والخضراوات لعدم وجود مطهّر، ويتم الاستغناء عن المطهّر واستخدام المنظفات والملح، ولا يقدم المتجر أي مواد أخرى.
أما من حيث التباعد الاجتماعي، فالسجن مكتظ جدًا، ونحن قريبون من وضع كارثي، وأغلبنا بدون غرف، ونعيش في ساحة السجن، وننام في الممر متلاصقين لدرجة أن أنوفنا تلامس بعضنا البعض، ونتقابل وجهًا لوجه، وأنا لا أبالغ على الإطلاق.
جناح 15
وأضاف السجين بالقول: لا يهم أحد ما إذا كان السجين سيموت أم لا، إذا أصيب شخص بالحمى، يقولون إنه مصاب بفيروس «كورونا»، ويأخذونه إلى جناح 15، وهو جناح الحجر الصحي، لا يوجد به علاج، وإذا لم يمت يُعاد إلى جناحه، وإذا تدهورت حالته واضطروا إلى نقله إلى مستشفى خارج السجن، يحضرون سيارة ويجب على السجين السير بمفرده للوصول إلى السيارة. ولا نعرف ما إذا كان أيّ من المرضى الذين نقلوا إلى المستشفى قد ماتوا أو نجوا. ويخفي العديد من السجناء حالاتهم ولا يذكرون أنهم مرضى أو لديهم أعراض خوفًا من إرسالهم إلى عنبر الحجر الصحي والموت هناك، لدينا أيضًا حالات في السجن توفوا بسبب مرض في القلب، حيث يعانون من إهمال علاجهم.
الوباء القاتل
وأوضح السجين «م» أن المطهرات محظورة الآن في السجن، على الرغم من أنه مفيد ويمكننا استخدامه للتطهير، ولا يُسمح لنا بشراء الكحول للتطهير حتى بأموالنا الخاصة، أي إذا اشترى أي شخص كحولًا مهرّبًا بأمواله الخاصة، فسيتم اتهامه بارتكاب جريمة في السجن، ولمجرد شراء الكحول يجب أن نتوقع أن يتم جلدنا، ووضعنا في الحبس الانفرادي، والإهانة، والإذلال، لقد تُركنا في الأسر وفصل العديد منا عن بعضنا البعض للموت أو البقاء على قيد الحياة.. ولا يهمهم أي من ذلك.
النظام الإيراني يستخف كثيرًا بتأثير الوباء القاتل، ويعطي إحصائيات خاطئة إما لامتصاص الغضب الشعبي خشية اندلاع المظاهرات أو لتفادي الانتقادات الدولية لتقصير الأجهزة والسلطات الإيرانية في التعامل مع الأزمة. وللأسف الشديد، كان هذا الموقف السلبي المتخاذل الشيء الوحيد الذي فعله نظام الملالي لمواجهة تفشي فيروس «كورونا» وهو ما لم تفعله حتى الدول المتخلفة.
الطعن بالوريد
وحول ممارسة الضغوط من قبل المجتمع الدولي على النظام، قال السجين: في رأيي، الضغط الدولي لم يسفر عن رد فعل إيجابي، بعد قتل ألف وخمسمائة متظاهر في نوفمبر 2019، وبعثت الكثير من الرسائل وقدمت عدة شكاوى، لكن المسؤولين في الجهات الدولية والمنظمات العالمية المعنية بحقوق الإنسان لم يكونوا قادرين على حل أي مشكلة، والآن أعيش في حالة من الرعب، فعندما أنام بالليل لا أستطيع الحفاظ على حياتي، فإذا لم يقتلني فيروس «كورونا» فسيقتلني زبانية نظام الملالي داخل السجن، ربما بسكين، يمكن لأي شخص بسهولة قطع رأسي أو طعني في الوريد ليلًا.
في انفراد جديد لـ«اليوم»، أجرى مراسل الجريدة حوارا استثنائيا مع سجين سياسي إيراني في سجن «وكيل آباد» سيئ السمعة في مدينة «مشهد» شرقي إيران، وكشف السجين عن أبشع أنواع التعذيب التي يرتكبها نظام الملالي ضد المعتقلين السياسيين، إضافة إلى الانتهاكات المستمرة بحق المعتقلين بحرمانهم من الحد الأدنى لحقوقهم مثل الرعاية الصحية والأكل والشراب، والإقامة في أماكن آدمية، وتحتفظ الصحيفة باسم السجين حرصا على حياته من بطش عصابة الحرس الثوري بعد نشر الحوار.
وتمكنت «اليوم» من الحصول على هذه المقابلة مع السجين «م» بالتنسيق مع مسؤول في منظمة مجاهدي خلق الإيرانية داخل إيران التي تساهم بشكل كبير في فضح جرائم النظام الإيراني الفاشي.
السجن مكتظ.. نعيش بالساحة وننام في الممر متلاصقين والوضع كارثي