توفي قبل حوالي الشهرين الطبيب المصري المعروف محمد مشالي -رحمه الله-، الذي عُرف في الأوساط الإعلامية والمجتمع المصري بلقب «طبيب الغلابة» نظرًا لما اشتهر به من مساعدة للمرضى والمحتاجين والوقوف معهم من خلال معالجتهم برسوم رمزية بسيطة رغم أوضاعه المادية المتوسطة، وهو ما جعله يحظى عند وفاته بتعاطف كثيف ودعوات طيبة في مختلف وسائل الإعلام العربية، بل وحتى العالمية.
ما دعاني هنا لاستحضار قصة الطبيب المصري هو الخروج الإعلامي القوي للدكتور السعودي علي بن معيض الشهري استشاري جراحة الأنف والأذن والحنجرة بإحدى القنوات الفضائية، الذي طالب من خلاله وزارة الصحة إلى ضرورة تقنين أسعار الكشوفات والتحاليل والعمليات بالمستشفيات الخاصة، مبينًا وجود مبالغات كبيرة فيها واستنزاف لأموال المرضى؛ وهو الحديث الذي لاقى ردود فعل واسعة طوال الأيام الماضية جاء السواد الأعظم منها مُشيدًا بشفافية ومسؤولية الدكتور وحرصه على الوقوف في صف المريض والتقليل من الأعباء المادية، التي تثقل كاهله، وآخرون وهم أقل تبرموا وتذمروا من حديثه، بل هناك مَنْ هاجمه وهم المستفيدون ولا شك من استمرار الوضع على ما هو عليه كبعض الأطباء وبعض ملاك المستوصفات والمستشفيات الخاصة والمستثمرين فيها.
بالنسبة للدكتور علي بن معيض، فقد علق الجرس وبقي دور وزارة الصحة ولمَنْ لا يعرف الرجل، فإننا نذكر هنا بعضًا من سيرته العطرة في منطقة عسير، حيث اشتهر ومنذ حوالي الـ 15 عامًا بالمبادرات التطوعية والخيرية في المجال الصحي من خلال إقامة عيادات برسوم مجانية ولوجه الله، وذلك في الكثير من مستشفيات ومستوصفات المنطقة، خاصة بمحافظة النماص وأكثر هذه العيادات الخيرية يخصصها في أوقات إجازته الصيفية، التي تشهد فيها المنطقة ازدحامًا كبيرًا ينعكس في عيادة الدكتور الخيرية بمستشفى النماص العام، حيث تزدحم وتكتظ بالمرضى ولا يقتصر الأمر على استقبالهم والكشف عليهم ومن ثم كتابة الدواء لهم، بل يقوم أيضًا بإجراء العمليات وبالمجان وكل هذا يجهله الكثيرون عنه، لذلك فهو يستحق ودون شك أن يطلق عليه لقب «طبيب الغلابة» بالسعودية، وبناء على ذلك أيضًا ندعو الأطباء، الذين هاجموه إلى الحذو حذوه وليس بتقديم العيادات المجانية فلا نظنهم يستطيعون ولكن على الأقل بفرض رسوم معقولة لا تستغل حاجة ومعاناة المرضى!
[email protected]