ولقد تمكن علم epigenetic نسبيا من إزاحة فكرة المدرسة القديمة التي تقول إن جيناتك هي التي تحدد مصيرك، والتأكيد بأن أفكارك وعواطفك وقناعاتك الدفينة واعتقاداتك الخاصة هي التي تنتج سلاسل أو مجموعات من الأحداث الفسيولوجية في جسدك، وبأن العقل قادر على توجيه الجينات الجديدة للتصرف بطرق جديدة، وهذا يعني أنك تستطيع التحكم بمسارات الروابط العصبية من أجل تنشيط جينات جديدة وكبح الجينات غير المرغوبة، والمفتاح لفعل ذلك هو جعل أفكارك الداخلية أكثر يقينا وواقعية من البيئة الخارجية، لأن الدماغ آنذاك لن يعرف الفرق بين الاثنين وسوف يتغير ليبدو كما لو أن الحدث قد تم بالفعل، وإذا تمكنت من فعل ذلك بنجاح ولمرات كافية، ستغير من جسدك وتبدأ بتنشيط جينات جديدة بطرق جديدة، مما سيؤدي لحدوث تغييرات فسيولوجية كما لو أن الحدث المستقبلي المتخيل كان واقعيا، فالعقل الواعي يشكل ما نسبته ٥٪ فقط والـ ٩٥٪ المتبقية هي مجموعة من حالات اللاواعي المبرمجة، ويعني ذلك أنه إذا أردت الحصول على نتائج جديدة، وتعديل مصيرك الوراثي، فلا بد أن تتدرب على تخطي العقل التحليلي وتطوير نظام تشغيل برامج اللاوعي الخاصة بك.
وإذا كنت متحمسا لتبني هذه النظرية فهذا يعني أن تعي بعمق قوة أفكارك في صياغة جيناتك، وأن تكون في حالة تركيز واع للتأكد من طبيعة القناعات المتسللة لبرمجة جيناتك، لأننا في الغالب نخوض غمار حياتنا مثل الروبوتات، إذ نتبع ببساطة البرامج التي تمت كتابتها عن غير قصد في مساراتنا العصبية، وقد يخدمنا بعض هذه المبرمجات إلا أن معظمها لا يكون كذلك، لكن الخبر السار هو أن هذه المسارات العصبية التي لطالما اعتقدنا أنها تجمدت على هذا الشكل لمدى الحياة، هي في الواقع مسارات مرنة يمكن تغييرها بقوة النية، ورحلة التغيير تبدأ بقرار صغير سيحول حياتك جذريا، وهو التدرب على الاستيقاظ كل صباح والبحث ذهنيا عن روعة إمكانيات اليوم الجديد، وهو تدريب يومي لعضلة التخيل الإيجابي كعضلة الجسد يتطلب الانضباط في الممارسة والتمرين.
LamaAlghalayini@