نرى في كل المجالات بشتى أنواعها المتعددة من يظهر ويكرر (الأنا) كثيرا ويمتدح كل عمل يقوم به ويستبسل دونه، وكل من يظهر له عكس ذلك يستعديه مما جعلني أسميها بالنرجسية المعاصرة، رأينا المطربين والممثلين والإعلاميين وحتى الكتاب وبعض من يحسبون على أنهم رجال دين كل يتكلم بنرجسية واضحة جدا.
مما جعل المتابع لا يستغرب أبدا ما يقوله لأنه يتوقعها مسبقا والأغرب وأكثر عجبا أن هذه الصفة انتقلت لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، وبالأخص من كان لهم متابعون كثر نرى حب الذات طاغيا على كل صفة لديه، فأصبح كل قرار يتم أو أمر يحدث أو تغير يحصل يغرد ويعلق ويلمح بأن تغريدته تلك أو تعليقه الذي قام به أو العمل الإعلامي الذي أنتجه كان هو اللاعب الأساسي في ذلك التغيير، فأصبح هؤلاء يعتقدون جزما بأنهم أصحاب التغيير وهم أصحاب العقول النيرة التي أصلحت الكثير من الأخطاء.
أنا لا أقول إنهم ليسوا فعالين قد يكونون فعالين بالفعل ولهم أدوار جيدة. لكن لا يفترض المبالغة بها أو تضخيمها أكبر من قيمتها الحقيقية أضعافا وأضعافا.
والنرجسية سابقا كانت تغلب صفتها على الذكور أكثر من الإناث، لكن في النرجسية المعاصرة نرى أن هذا الداء انتقل للإناث وبشكل كبير جدا ممن لهن دور بالمجتمع أيا كان مجالها أو تخصصها، وهذه النقطة هي ما يجعل نرجسية عصرنا هذا قد اختلفت نوعا ما وأصبحت ظاهرة حقيقية على الجنسين على حد سواء.
والنرجسية أحد أسبابها الأهمية التشخيصية لتقدير الذات مما يكتسبه أو ما يعتقد أنه يكتسبه من الصفات والتصورات، أو مما يقوم به العقل من تمثيليات مما يسمى علميا (باثولوجيا) الشخصية البينية والنرجسية.
وأيضا الإعجاب المفرط بالذات عندما يصبح الإعجاب بالذات يصل لحد الإفراط يكون صاحبه وصل إلى حد المرض، فيصبح شخصية مريضة يجب التعامل معها على هذا الأساس، وأن يحاول جاهدا على معالجة نفسه حتى لا يصل إلى مراحل متقدمة تفقده الكثير من مكانته وحب الناس وحتى المقربون له. النرجسية لها عدة أشكال:
نرجسية فردية وهذة معروفة بحب الفرد لذاته
والنرجسية الاجتماعية وهي ما يحسه الفرد بنفسه يحسه تجاه هذه الجماعة سواء أسرية أو قبلية أو مناطقية.
أو نرجسية طائفية أو الإيديولوجيا وهذه النرجسية تعتبر من أخطر ما قد تواجهه الأمم، مما تحمل من الأخطار وتتسبب في الحروب وإقصاء الآخرين وتكون سببا في التغيير الديموغرافي للشعوب.
ختاما على كل منا أن يتحلى بالواقعية والعقلانية والابتعاد قدر الإمكان عن حب الذات المؤدي لهذه الصفات.
فالنرجسية هي داء المجتمعات وهي المتسببة في الكثير من التفرقة والحقد والبغضاء..