يوسف السيف 0505805887 إيميل: [email protected]
في مساء يوم الخميس الماضي وفي ليلة الجمعة الموافق 21/2/1442 للهجرة رحل وودعنا، رجل العلم والتعليم الرجل الوقور الشهم المتواضع الصادق الإنسان، رجل يستحق الكثير إنه العم الأستاذ الفاضل محمد عبدالهادي مبارك العبدالهادي -رحمه الله وأسكنه فسيح جناته-. لم نستغل الوقت كثيرا فى حياته للجلوس معه طويلا الكثير من حوله يحبه ويجله والبعض من ينتقده فى حياته انتقادا مجحفا ومرا، لا لشيء إلا بسبب عصاميته وتحقيق الانضباط في العمل، وكان -رحمه الله- يشدد على الالتزام بالمواعيد ويعتبره أمرا مقدسا ودليلا على مصداقية الشخص.
كان رحمه الله يجلسني بالقرب منه ويحدثني وكنت أستأنس بحديثه الشيق، وكان -رحمه الله- يتمتع بذاكرة قل من تجد في عمره يمتلك الكم الهائل من المعلومات في شتى المجالات، وكان يستشهد في حديثه بأبيات شعرية خاصة من شعر المتنبي، وما هذا الكنز من المعلومات إلا لحبه وشغفه بالقراءة، وكان رحمه الله لا يبيت إلا وقد قرأ كتابا... من خلال مقالاته التي ينشرها في صحيفة "اليوم" من وقت الى آخر تجد سلاسة التعبير وتنظيمه للمقالة المبهر، وقد كنت أكرر عليه مقترح أن يكتب مذكراته ولم يمنعه آنذاك إلا المرض رحمه الله. قصة كفاحه ملهمة لهذا الجيل والأجيال القادمة عمل مدرسا ثم مديرا وبعد ذلك مفتشا حتى وصل إلى مساعد لمدير التعليم، وكان ينوب عن مدير التعليم آنذاك الأستاذ عبدالله أبو نهيه رحمة الله عليهما، وبعد تقاعد العم أبو عبدالهادي ولتعلقه بالعلم والتعليم خطط لإنشاء مدارس أهلية تحت اسم المباركية تخليدا لاسم جده مبارك رحمهم الله جميعا، استطاع بحنكته وخبرته التعليمية سعودة مدارس البنات في جميع مراحلها الابتدائية المتوسطة والثانوية 100%. على كثرة الصعوبات والمشاكل التي تعترض مسيرة نجاحه كان دائما يتحرى الحقيقة ولا يحب تجاوز التعليمات مهما كانت مبرراته، كان يحب أن يستشير وبناء على ما يتوفر لديه من حقائق ودلائل يتخذ القرار المناسب، وكان رحمه الله يتريث كثيرا في القرارات خصوصا القرارات المهمة المصيرية. كنت ألاحظ فلسفته التي أعجبتني في اختياره للأصدقاء وكانت لديه فراسة فهو يمتلك قدرة عجيبة في التمييز بين من يسعى إلى صداقته للمنفعة الشخصية ومن يصادقه قولا وفعلا بعيدا عن المصالح الشخصية، نعم هو يعتز لعدد لا يتعدى عدد أصابع اليدين من الأوفياء والمخلصين له. سألته إحدى المرات عن سر نجاحه في الحياة وخلاصة تجربته العملية فقال لي قد يطول الحديث عما تبحث عنه، ولكن أوجزها لك يا أبا عبدالمجيد بمقولتين، فهناك مقولة صينية تقول الفاشلون نوعان: رجل يخطط ولا يعمل ورجل يعمل ولا يخطط، فعليك بالتخطيط الجيد والعمل على تنفيذ ما خططت له وتابع نجاح هدفك. والمقولة الثانية اعمل لدنياك كانك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا، وحديث الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- في الحث على العمل «إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها». أختتم بسرد بعض من ذكرى المرحوم بإذن الله عند آخر زيارتي له قبل عشرة أيام من وفاته، كنت أمازحه وقدمت له تمر سلوق وهذا النوع يحبه ولكنه قاسٍ بعض الشيء، فابتسم وقال ما زلت شابا وقضمها رحمه الله وهو يقول كنت دائما أتحدى من هم في عمري لمعرفة من هو أكثر شبابا من الآخر. أردت من مقالتي القول كان بيننا أمس رجل خدم وطنه... رجل أبدع فى كل حقل عمل به، كان فى حقل التعليم منارة يهتدى بها وفي غيرها علما إذا عمل أنجز، وإذا تحدث في محفل أوجز وأثلج الصدر. رحم الله العم الأستاذ محمد العبدالهادي رحمة واسعة وأسكنه فسيح جنانه.
يوسف السيف 0505805887 إيميل: [email protected]
يوسف السيف 0505805887 إيميل: [email protected]