Fahad_otaish @
مازالت جائحة كورونا منذ ما يزيد على عشرة أشهر تفرض نفسها بإلحاح على المسؤولين في كل دول العالم، بل وعلى الرأي العام أيضاً، حيث تخصص لها الدول الجهود والاجتماعات والبرامج والقرارات، وتتخذ الإجراءات الاحترازية لمواجهته، كما أنه حديث الصحافة ووسائط الاتصال بكل أنواعها، وهو كذلك أيضاً حديث الأفراد والجماعات واللقاءات، وليس ذلك غريباً لأنه موضوع يتعلق بحياة الإنسان، وبقاء الدول والمجتمعات، وربما لا توجد أولوية لغيره من الموضوعات، ونحن نرى ضحاياه من الوفيات والإصابات تتزايد كل دقيقة في كل أنحاء العالم. وإذا كانت الجائحة قد بدا أنها آخذة في التراجع أو الاستقرار في أعداد الإصابات خلال الشهرين الماضيين، مما شجع العديد من الدول على فتح الحدود والاستئناف المنظم للسفر والتبادل التجاري، وفتح الأسواق والمدارس ودور العبادة ووسائل الاتصال، إلا أنها ما لبثت أن تطل برأسها من جديد هذه الأيام، خاصة بالدول المتقدمة في أوروبا وأمريكا، مما ينذر بانتشارها من جديد إلى بقية دول العالم، ففي ألمانيا مثلاً سجلت في يوم واحد خلال الأسبوع الماضي أكثر من خمسة آلاف إصابة، وهي أعلى نسبة تبلغها عدد الإصابات منذ شهر أبريل الماضي، وبذلك يبلغ عدد الإصابات، التي تم تسجيلها منذ بداية الوباء حوالي ثلاثمائة وخمسين ألف إصابة، فيما بلغت الوفيات حوالي عشرة آلاف شخص، مما جعل الحكومة الألمانية تعود إلى إدخال قيود جديدة في الكثير من الولايات الفيدرالية الألمانية، ومن ذلك إغلاق المطاعم والحانات، ووضع قيود على حركة المواطنين، وقد تصل إلى حظر التجول الكامل، وذلك لمحاولة احتواء الموجة الجديدة من تزايد أعداد المصابين. أما في فرنسا، فقد سجلت في يوم واحد من نفس الفترة أكثر من ثلاثة عشر ألف إصابة خلال أربع وعشرين ساعة فقط، إضافة إلى حوالي مائة وفاة، وكان يوم الأحد من الأسبوع، الذي سبقه قد سجل عدداً قياسياً للإصابات في يوم واحد بلغ سبعاً وعشرين ألف حالة جديدة، مما استدعى السلطات الإقليمية في المقاطعات الفرنسية إلى اتخاذ العديد من الإجراءات، التي طالت مراكز التسوق، والجامعات، والمسابقات الرياضية على ضوء خروج منحنى الوباء في تلك المناطق عن السيطرة. وكذلك الأمر في إسبانيا وروسيا وبولندا والتشيك، التي اتخذت بدورها أيضاً إجراءات إغلاق شملت الجامعات والمدارس والأسواق، ووضع حدود قصوى للتجمعات أقل مما كان مسموحاً به في الفترة الماضية، وحتى في البرتغال، التي تعتبر لحد الآن نموذجاً في إدارة أزمة الوباء، فقد شهدت تسارعاً في أعداد الإصابات، حيث سجلت في يوم واحد من نفس الأسبوع حوالي ألف ومائتي إصابة، ووفيات بلغت ستة عشر شخصاً، فيما وصلت المستشفيات فيها إلى أقصى طاقتها ولم تعد قادرة على استيعاب المزيد من المصابين. وكذلك يمكن الحديث بنفس الطريقة عن دول أخرى في العالم، والقصد من هذا الحديث هو التأكيد ألا نركن إلى بعض التراجع في أعداد الإصابات خلال الفترة الحالية، والتراخي عن الالتزام بالإجراءات الاحترازية من قبل المواطنين والمقيمين والمؤسسات تحسباً لأي طارئ -لا سمح الله-.
وقد أحسست بكثير من الارتياح، وأنا أرى العديد من المواطنين والمقيمين ومازالوا يلتزمون بالإجراءات الاحترازية ولم يتساهلوا في ذلك، خاصة تجنب التجمعات، ولبس الكمامة، والتباعد الاجتماعي، وعدم السلام باليد أو الاحتضان والخشم، مما يبشر بحالة وعي والحمد لله يتمسك بها جميع المواطنين، كما بعث مزيداً من الارتياح استمرار المؤسسات والإدارات الحكومية والشركات في الالتزام بتطبيق الإجراءات الاحترازية، وذلك بعد أن ضربت الدولة المثل في حرصها على أرواح المواطنين والمقيمين من خلال العديد من الإجراءات، خاصة قرار الاستمرار في التعليم عن بُعد خلال المرحلة القادمة، وكذلك تمديد استفادة موظفي القطاع الخاص من نظام «ساند»، وغير ذلك من الإجراءات الموفقة.. صحيح أن الدولة وأجهزتها جميعاً، خاصة الصحية منها تبذل أقصى الجهود، ولكن يبقى دور المواطن ووعيه عليه الرهان بعد عون الله سبحانه وتعالى للمحافظة على الأرواح والأبدان وعلى سلم الوطن وأمنه -بإذن الله-.
Fahad_otaish @
Fahad_otaish @