n لماذا الهروب من واقع ومشاكل نضوب المياه الجوفية؟ هناك ألم وخز الذاكرة، وصوت الضمير البيئي الحي. من يستطيع لجمه وكتم صوته وخنق تساؤلاته؟ طرح التساؤلات أشبه بشق طريق للإجابة، وسط صخور من ترسبات حقائق واقع النضوب الفاجعة.
n أجد نفسي محشورا بقوة أكاديمية مسؤولة، في حراك يجعلني أسأل نفسي: هل ستعود مياه ينابيع واحة الأحساء؟ يتكرر السؤال طوال أكثر من ثلاثة عقود. والسبب أن الماء أصبح كيانا في نفسي، بسارية أحملها وأرفعها بمداد الإيمان الذي جعل الماء النادر قضيتي الأهم. فأرى ساريته، ولكن لم أعد أراه على سطح واحة الأحساء يجري.
n إنها واحة الأحساء جعلت الماء فلسفة وقضية ومنهجا لحياتي. وجعلت له موقعا شامخا في نفسي، فنصبت سارية الماء على قمة شموخه، وعلقت بيرقه خفاقا بمداد قلمي واهتمامي. يغذي هذه القضية معايشتي الفعلية، وإيماني المتواصل بأهمية استدامته كهدف لحياتي دائم الحضور. كنتيجة يأتي السؤال: هل ستعود مياه ينابيع واحة الأحساء إلى سابق عهدها؟
n كتبت كلاما عن مياه واحة الأحساء، أضعه في مصاف الحكمة والإلهام، حيث يحرك النفوس الجافة، ويسقيها كمزرعة عواطف وآمال. وعندما أقرأ ما كتبت خلال العقود الماضية، أشعر وكأنني تحولت كشاخص يحدد الاتجاهات، ومسار طريق المعرفة لمن أراد جني المعرفة.
n هناك من أنهى بالنضوب معالم عطاء مياه ينابيع واحة الأحساء. جفت وبقيت لنا معالم صامتة، تقود إلى التأمل، وتفضي إلى السؤال الكاسر: كيف جاءت الغفلة؟ ولماذا؟ ومعه أردد: تذهب نفوسنا بما تحمل إلى خالقها، وتعود أجسادنا إلى التراب، ولكن أين يذهب الماء الذي كان فينا؟ أين اختفى ماء واحة الأحساء؟ إلى أين انتقل؟
n من عاش يوما غزارة مياه ينابيع واحة الأحساء، يدرك أكثر من غيره، خطورة استنزاف المياه الجوفية ونضوبها، بل ويستطيع بشكل أعمق، فهم أبعاد الدفاع عن المياه الجوفية، ويحترم ما أقول.
n عشت نضوب مياه ينابيع واحة الأحساء، وبسببها تخلّقت نواة قضية المياه الجوفية في نفسي وتشكلت أبعادها. كنت شاهدا على غزارتها وعلى نضوبها؛ وشاهدا ومتابعا لمسيرة غورها إلى أعماق الأرض؛ وشاهدا على معاناة مزارعيها، وعلى بكائهم ودموعهم أمام قلة حيلتهم، لمواجهة نضوب مياه الواحة.
n بعد هذه السنين من المعايشة، ما زلت أعاني ذلك الوضع القاسي الذي رأيت وعشت. وهذا يدفعني للمزيد من الحديث عن همّ الماء الذي أحمل. فالموضوع خطير بكل معاني الخطورة. لنا في نضوب مياه عيون واحة الأحساء عبرة ودرس. فالأحساء تعيش عطشا يجسد فاجعة النضوب وحقيقتها.
n أين ذهبت مياه واحة الأحساء؟ سؤال أطرحه على نفسي، فأجد الجواب واضحا أمامي، وله خارطة لا أتوه معها، لتؤكد الإجابة.
n هل ستعود مياه واحة الأحساء؟ سؤال أيضا أطرحه على نفسي، فأجد الجواب واضحا أمامي، وله خارطة لا أتوه معها، لتؤكد الإجابة.
n على مدى أكثر من ثلاثة عقود، وشخصي يزرع الشواخص للمنفعة، ولكن من هو المهتم بقراءة مدلول هذه الشواخص؟ فأصبحت تؤكد لشخصي بأنها الكارثة المغيبة.
DrAlghamdiMH @