برأيي أصبحت معالجة مشكلة الفساد تتطلب فرقا من المتخصصين في بعض المجالات (الشرعية، والاجتماعية، والنفسية، والقانونية، والإدارية، والتربوية) لمعرفة كيف يفكر الشخص المختلس؟ ما الأسباب التي دفعته لاختلاس المال العام؟ ما الفرص والثغرات التي وجدها ليمرر من خلالها تلك الأموال؟ هل مرتكب الفساد لديه خاصية نفسية تميزه عن غيره؟ ما أسباب جرأته في اقتراف ذلك الفعل؟ كيف يمكن للمؤسسات التعليمية أن تشارك في معالجة تلك المشكلة من خلال مناهجها ومقرراتها وأنشطتها؟ كيف نؤسس جيلا يحترم الأمانة ويفهم معناها منذ بداية حياته؟ ما أهمية نشر الثقافة القانونية في المجتمع؟. ألم يتعلم في مدارسنا وينهل من المناهج الدراسية المليئة بالقيم والفضائل فلماذا أقدم على اختلاس المال العام، وفي المقابل لم يقدم غيره؟.
التطبيقات والأمثلة كثيرة، لنشر ثقافة النزاهة والتوعية بخطورة الفساد، واكتفي بثلاث أفكار: الفكرة الأولى: تركيز المسرح في مساراته المختلفة في التعليم أو التلفزيون أو العمل المؤسسي على قضية الفساد، وإعطاء توعية بأشكال وصور تطبيقات الفساد وأساليب التفكير التي يستخدمها الفاسدون في الوظائف الحكومية أو القطاع الخاص، أو رجال الأعمال، وفي المقابل صور للنماذج الأخلاقية في طريقة التعامل مع عروض الفساد في العرض نفسه، لتتاح المقارنة بين الشخصيتين.
الفكرة الثانية: تحويل بعض قضايا الفساد إلى عمل درامي أو مسرحي أو فني بوجه عام، مع التحفظ على الأسماء، فالهدف معرفة كيف بدأت قصة كل قضية؟. وهذا يحتاج إلى فريق جيد لإدارة التنسيق بالتعاون مع هيئة مكافحة الفساد. ومعرفة الخلفية الاجتماعية والمهنية لكل مشترك في القضية، وتحليل دوره في تسهيل العملية.
الفكرة الثالثة: الإعلان عن مسابقة وطنية سنويا في جميع القطاعات، لإنتاج أفضل عمل إبداعي يحكي ويصور طرق ومخاطر وآثار الفساد، إما مسلسل أو فيديو أو منشور أو فيلم، المهم أن يكون العمل مبدعا ومثيرا ومميزا وهادفا، فبناء القيم والتذكير بها، يندرج في المقولة «درهم وقاية خير من قنطار علاج».
باختصار ووضوح، ليس من المعقول أن يتم الاعتماد على جهود هيئة مكافحة الفساد في محاربتها، فهناك أدوار تربوية واجتماعية وقانونية ونفسية وإدارية من الضروري أن تقوم بها الوزارات الأخرى كالتعليم والإعلام والموارد البشرية والشئون الإسلامية، وغيرها.
[email protected]