n في أمريكا تلقيت خبر تكليفه بوزارة الصحة، وأيضا خبر إعفائه؛ وعلّقت بعض الصحف الأمريكية على هذا الإعفاء؛ وكان أشبه بزلزال أحدث ربكة، لأنه جاء والقصيبي في قمة نجاحه، وشهرته بالنجاح الإداري. وكانت هذه الوزارة أساس شهرته الإدارية، وذلك بسبب المقارنة بينه وبين الوزراء السابقين لهذه الوزارة. وخلال أقل من ستة أشهر على تكليفه، انقلبت وزارة الصحة إلى أيقونة إنجاز، وحديث شعبي إيجابي لم تحظ به من قبل.
n وقبل الصحة كان وزيرا لوزارة الصناعة والكهرباء الجديدة، ولم يكن هناك مجال للمقارنة مع غيره، لأنه أول وزير لها. ولكن الجميع عرف مقدار جهده وإنجازاته بعد ما أحدث من نجاح في وزارة الصحة. فعرفوا قيمة وأهمية ودور غازي القصيبي في نجاح تأسيسها بتفوق. وقد جعلها تنافس وترتقي بالصناعة وتنشر الكهرباء بتميز في أرجاء بلدنا، حفظها الله.
n ثم جاء تعيين القصيبي سفيرا في لندن، وكنت وقتها مبتعثا للدكتوراة، فبعثت بهذه المناسبة، وقبل قدومه لاستلام منصبه الجديد، رسالة لشخصه وكان سفيرا في البحرين. وبعد فترة تلقيت بطاقة من معاليه، وفيها يشكرني على قصيدتي النثرية. مازلت محتفظا بتلك البطاقة. فقد اعتبر رسالتي، وبحس شاعريته، قصيدة نثرية. وعزز، وهذا ما كان يقوله البعض عن رسائلي وخطاباتي حتى الإدارية منها في الجامعة، حيث يتهمون شخصي بأني أكتب شعرا، بل ذهب البعض إلى القول بوجود (جنية) ترافقني، وتكتب عني.
n في يوم حصولي على إجازة الدكتوراة، أرسلت بنسخة من رسالتها العلمية، وقميصا وضعت عليه صورة لنخيل ميت من واحة الأحساء، وكتبت تحتها: (أنقذوا واحة الأحساء). وكان ذلك برفقة رسالة، حيث طلبت منه وهو ابن الأحساء أن يقول شيئا لصالح الماء، خاصة مياه واحة الأحساء. وحددت له في الرسالة تاريخ عودتي للمملكة.
n مررت بالملحقية أثناء العودة، فوجدت الجميع في انتظاري، فقد وجه بحضوري لمكتبه لمقابلتي حال وصولي إليهم. ذهبت متأخرا خمس دقائق. غادر إلى باريس في مهمة عمل. طلبوا مني الانتظار إلى الغد، لكني غادرت فورا إلى المطار عائدا للمملكة.
n فجأة أصبح القصيبي وزيرا للمياه. فرحت بالتكليف. فقد أثبت جدارة في وزارة الصناعة والكهرباء، وأخرى في وزارة الصحة. قلت: لابد وأن يثبت جدارة أكبر في وزارة المياه الجديدة. كنت أعتقد بأنني سأكون أحد رجاله في هذه الوزارة، ولم يتحقق ذلك، وكان يعلم بجهدي ويعرف اسمي.
n انتظرت أن يحدث نقلة فريدة ومميزة في هذه الوزارة الجديدة، فتحطمت آمالي. وكان كغيره، لم يقدم شيئا لحل مشكلة ندرة المياه بالمملكة. كنت وما زلت على يقين بأنه كان مغيبا عنها، كمشكلة إستراتيجية. وانتهى أي أمل لشخصي بعد أن صرّح يوما: أن التحلية خيار إستراتيجي. كان هذا التصريح امتدادا لتصريح الوزراء السابقين، وقبل أن يصبح للمياه وزارة مستقلة.
n بذلك التصريح لـ(غازي القصيبي) رحمه الله، أيقنت أنه وقع في قبضة غفلة من سبقوه. كانوا يرون الماء (وسيلة) لتحقيق أشياء أخرى أهم. المشكلة أنهم مازالوا يرون المياه الجوفية وسيلة، وسيظلون في ظل (الهياط) الزراعي.
DrAlghamdiMH @