كان بإمكان هذه الإمبراطورية التي أصدرت الكثير من التغييرات الاقتصادية ومناهج الحياة فكانت السبب في دخول المقاهي تلك والقهوة أو «الكاهفي» باللهجة التركية التي تحولت إلى «كوفي» في اللغة الإنجليزية والكورفاسون الذي تحول إلى كرواسون وهي عبارة عن «قطع خبز على شكل هلال» وهو الشعار التركي، إلى الغرب. كان بإمكانها أن تركز على ما لديها من تميز وتقوي دولتها بكل المغانم التي تملكها سواء مغانم الحضارات التي احتضنتها أو التاريخ الذي لديها أو الثروات التي تمتلكها ولكن للأسف بقي الانتماء وحده بين الشرق والغرب آفة تحول بين الاستقرار السياسي لتركيا ومن ثم الاستقرار الاقتصادي، عجزت عن بناء علاقات صداقة بين الدول من حولها بسبب ازدواجية المطامع تلك، فبين حزب يريد الانتماء لأوروبا والحضارة الأوروبية وحزب يريد الهيمنة على الدول التي كانت تخضع للعثمانيين وكأنها إرث وجب استرداده وثأر لا بد من الظفر به، ضاع الاقتصاد التركي في حروب سياسية وتجارية واقتصادية كانت ثقيلة خلال العشر السنوات، واشتدت في الأربع السنوات الماضية.
نرى تحول سياسة «صفر مشاكل» الشعار الذي أوصل حزب العدالة والتنمية من حزب يضع الاقتصاد وسياسة السوق الحرة والروابط مع الاقتصاد العالمي، نصب عينيه من خلال مسافة الأمان في العلاقات الخارجية والتركيز على البناء الداخلي وعملية التنمية وإدارة عجلة الاقتصاد، إلى نظام متطرف ذي صوت واحد تحول جيرانه إلى أعداء يرفع شعار الاحتلال «فرق تسد» يحاول نهب الثروات من خلال إحداث الفوضى الأمنية في البلدان غير المستقرة والتي كان للدول العربية النصيب الأكبر منها، كما ساهم الدور التركي في تنمية العداء العربي - العربي وشرخ الصف ليتسنى له الحصول على مغانم الحرب ولكنه بدا خاسرا في السنوات الأخيرة حين اتضحت جلية مطامعه وانتهازيته.
كانت ستكون الأسواق العربية ذراعا قوية للاقتصاد التركي لو أبقى على مسافة الأمان تلك في خطة الكياسة السياسية التي يحمل شعارها حزب العدالة والتنمية، الحزب التركي الحاكم.
الأسواق العربية كانت كافية لخروج الأتراك من أزماتهم المالية والاقتصادية، إذ توفر الدول العربية للاقتصاد التركي سيولة تنشط سوقه من خلال التعاملات التجارية المباشرة، وتوفير فرص عمل وأرضية لاستثماراته ووجهة رئيسية للسفر، ساعدته كثيرا في حروبه التجارية مع الغرب، لكن يبدو أنه استهان بها أو لم يحسب لها حسابا، فكانت الخسائر كبيرة.
@hana_maki00