ولا تشربها مع عالم نفس؛ لأنه سيتهم القهوة بأنها تُزيد التوتر؛ كونها تعمل على زيادة إفراز هرمونى الكورتيزول والأدرينالين.
واشربها مع عالم تاريخ، لأنه سيخبرك عن قصة تحريم القهوة فى مصر، وكيف أن المصريين قد راجعوا من أفتى بتحريمها، فقام باختبارهم أثناء شربهم لها، فلم يجد منهم سلوكاً شاذاً، ولكنه وجد أنهم فى حالة انبساط، فأحلها من جديد.
وحين قام هذا الشيخ بالسماح بشُربها، عارض أحد الشيوخ هذه الفتوى، وأصر على تحريمها؛ فرُفع الأمر إلى قاضى القضاة؛ للفصل، فجمع بعض شاربي القهوة، وأمر بإعدادها، وأشربهم منها، وظل يتحدث معهم طوال النهار، فلم يجد منهم شيئاً منكراً، ولذلك أقرها.
واشربها مع عالم اجتماع، لأنه يقوم بما يُسمى بالمخيلة الاجتماعية وهو النظر للأمر من أكثر من زاوية وليس بالنظرة التقليدية.
سيخبرك أنه لا ينظر للقهوة بكونها مشروبا منعشا، ولكن ينظر إليها باعتبارها طقسا من الطقوس الجامعة للناس، وكيف أن الناس تهتم باللقاء أكثر من اهتمامهم باحتسائها. وأنه يحاول معرفة كيف تكونت هذه الطقوس؟ ومن أين أتت هذه العبارة المشهورة، ممكن تعزمنى على فنجان من القهوة؟ فالطالب هنا لا يطلب من المتلقى فنجان قهوة ولكنه يطلب فرصة الحديث والحوار مع المتلقي.
وسيزيدك أن بعض المجتمعات تنظر للقهوة باعتبارها من العقاقير الضارة، فى حين تتساهل فى شرب الماريجوانا والكوكايين، وكيف أنه يسعى لمعرفة سبب هذه المفارقة؟
وسيلفت انتباهك أن القهوة تُزرع فى البلدان الفقيرة، وتُستهلك فى البلاد الغنية. وكيف أن قرارك الصباحى باحتساء فنجان من القهوة يجعل أحد الأشخاص من الأثرياء. وكيف أن الوعي بأنواع القهوة، سيجعلك تختار من عدة بدائل، هل ستفضل تناول القهوة العضوية- الخالية من المبيدات الحشرية- أو ستشرب القهوة الخالية من الكافيين؟.
المهم، أنت تعلم، أننى لو لم أتناول فنجاناً من القهوة فى الصباح، لم أكن لأكتب هذا المقال.
ولكن، استمع لأمر الطبيب إن أردت أن تقرأ مقالي القادم وتكون على قيد الحياة.
@salehsheha1