مرت الولايات المتحدة الأمريكية بعدة منعطفات خطرة منذ تأسيس الاتحاد بين ولاياتها، ولعل أبرز ما يخطر ببال الكثيرين الحرب الأهلية الأمريكية التي اندلعت من عام ١٨٦١ حتى العام ١٨٦٥ والتي كانت أشد ضراوة وشراسة ودموية في التاريخ الأمريكي والذي راح ضحيتها ستمائة ألف إنسان، أي ما يعادل ستة ملايين في الوقت الحالي قياسا بعدد السكان، حيث كان عدد سكان أمريكا في ذلك الوقت قرابة ثلاثين مليون نسمة.
تجاوزت أمريكا الأزمة وأصبحت أعظم دولة في العالم تتحكم في قراراته وثرواته ومقدراته، هذه الدوله العملاقة التي حيرت الكثير من الباحثين في تصنيف الدولة العميقة فيها هل هي جمهورية؟ أم إمبراطورية؟ حتى كونت في عقول وأذهان البشر أنها لا تقهر ولا تتقهقر وأنها أعظم وأكبر من كل أزمة وكل ظرف، لكن المراقبين للانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة يرون أن هناك شرارة قد تعصف باتحاد الولايات خصوصا أن الرئيس ترمب قد تتوقع منه أي تصرف متهور، الرئيس الحالي ترمب يقول إنه إن لم يفز بالانتخابات فهي مزورة! وهذا يعطي قناعة بأنه غير متقبل بتاتا خسارته بالانتخابات إن حدثت، فقد قال أيضا في إحدى خطاباته لمؤيديه إن ولايته تنتهي في عام ٢٠٢٤ وقد يضطر إلى الذهاب إلى فترة رئاسية جديدة !!! إشارة مسبقة بأنه قد يلجأ إلى تعديلات دستورية في النظام، وهذا من أصعب ما يواجه المؤسسات الأمريكية علما بأنه لم يتم تعديل دستوري في أمريكا منذ تاريخ تأسيسها إلا ٢٧ مرة فقط من مجموع ١٢ ألف طلب تعديل دستوري مما يجعل منه شيئا مستحيلا، فقد قال محامية السابق مايكل كوهن (أخشى بأنه في حال خسر ترمب الانتخابات في ٢٠٢٠ فإنه لن يكون هناك انتقال سلمي للسلطة)، وقال مرشح الديموقراطيين جون بايدن: أنا مقتنع كليا في حال خسارة ترمب سيصطحبونه خارج البيت الأبيض بقوات كبيرة ! والزعزعة على السلطة بين المؤيدين والمعارضين قد يغرق البلاد في فوضى عارمة، فتركيبة أمريكا الاجتماعية أرى أن تماسكها أو المحافظة عليها من قبل مؤسسات الدولة أشبه بالمستحيل وأن الصدام حتمي سواء في هذه المرحلة أو في المستقبل، خصوصا أن أمريكا تجمع عشرات الولايات والتي قد لا تكون على وفاق مع السلطة المركزية في الكثير من الملفات علما بأن الداخل الأمريكي لديه الكثير والكثير جدا من القضايا والملفات المضطربة ولعل من أبرزها، العنصرية التي تتأجج بين حين وآخر في أمريكا وهي من أخطر القضايا التي يمر بها المجتمع الأمريكي، وأيضا الوضع الاقتصادي المتردي، والتي تتزامن جميعها مع جائحة كورونا التي حصدت أرواح عشرات الآلاف من الأمريكيين وأصابت الملايين حتى أصبحت أمريكا الأولى بين دول العالم في عدد الإصابات وعدد الوفيات من هذا الوباء.
في حال انهيار الولايات المتحدة أو زعزعتها سيكون العالم بشكل عام والشرق الأوسط بشكل خاص مقبلا على تغير كبير جدا، وأقصى الأمنيات أن نكون على استعداد لهذا التغيير وما يحتمله من مخاطر.
aov2008@