ولنستمع لما قاله المؤرخ الفرنسي غوستاف لوبون في كتابه (حضارة العرب): «وإذا ما قيست قيمة الرجال بجليل أعمالهم كان محمد من أعظم من عرفهم التاريخ.... والتعصب الديني هو الذي أعمى بصائر مؤرخي الغرب عن الاعتراف بفضل محمد».
وحين أراد المؤلف الأمريكي مايكل هارت (فيزيائي فلكي) أن ينتقي مائة شخصية مؤثرة في التاريخ في كتابه «المائة المؤثرون في التاريخ» كان لابد عليه أن يتجرد من الأهواء ويضع الرسول عليه الصلاة والسلام على رأس القائمة لأنها الحقيقة العلمية والمهنية لأي بحث تاريخي رصين.
والروائي الروسي الشهير ليو تولستوي ألف كتابه «حكم النبي محمد» دفاعا عن تشويه الصورة الحقيقة لمحمد (ﷺ) والإسلام. فمثل هؤلاء هم الذين يعرفون حقا وزن وقيمة الشخصيات العظيمة عبر التاريخ لأنهم يرجحون الأمور بميزان العقل لا بميزان الأهواء.
وفوق ذلك كله يكفينا أن الله سبحانه وتعالى تكفل أن يذب عنه فقال: «إنا كفيناك المستهزئين»، فأين هم أولئك الذين شتموا وسبوا واستهزأوا به عبر التاريخ؟ لا يذكرهم أحد! والذي سيكون أشد وطأة عليهم قوله سبحانه وتعالى: «والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم».
ولو تأملنا الجانب الإيجابي المشرق، فالله سبحانه وتعالى يقول: «فعسىٰ أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا» فلننظر إلى كمية الحب التي خرجت من صدور المسلمين دفاعا عنه، وتذكيرا به وبهديه وسنته، ونشرا لأحاديثه، وذكرا لأوصافه وحسن خلقه وخلقه، وهذا من فضل الله علينا بعد أن تراخينا عن قراءة سيرته.
وأما على المستوى العالمي، فهذه الضجة ستزيد الناس معرفة به سواء في أوروبا أو غيرها خصوصا الذين لم يسمعوا عنه. والتغطية الهائلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ستدفعهم للقراءة أكثر عنه، ومعرفة السبب وراء الهجوم عليه أو الاستهزاء به.
ولابد أن نذكر أن ما حدث لا يبرر أبدا أي أعمال إرهابية أو متطرفة، وكما جاء في بيان وزارة الخارجية: «المملكة تستنكر الرسوم المسيئة إلى نبي الهدى وترفض أي محاولة للربط بين الإسلام والإرهاب وتدين كل عمل إرهابي أيا كان مرتكبه».
وهذه الحملات لتشويه صورته أو الاستهزاء به كانت من قبل وستظل تحدث من بعد، ولكن المهم أن نظهر حبنا له، والدفاع عنه بالحكمة والعقل، ولا ننشر أو ننقل ما يسيء له (ﷺ)، بل نتوقف عن تداوله فيما بيننا.
ومع هذا كله كان يود لو أن كل الناس يهتدون للحق، فقد قال سبحانه وتعالى: «ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا ۚ أفأنت تكره الناس حتىٰ يكونوا مؤمنين».
والحقيقة المفرحة أن اسمه عليه الصلاة والسلام سيظل خالدا شامخا عبر التاريخ شاء من شاء وأبى من أبى.
abdullaghannam@