يقول الروائي إبراهيم الألمعي: تؤدي الجوائز والمسابقات، على اختلاف مجالاتها وتنوع منظميها ومانحيها، دورا مهما في خلق أجواء المنافسة والإبداع، ومحاولة الإجادة، والسعي نحو اقتسام شيء من الضوء، الذي تمنحه للفائزين بها، أو المشاركين فيها، ولهذا فإن الجوائز ظاهرة حضارية مهمة، تجذب الأنظار نحو المتميزين في كل مجالات المنافسة، ولهذا فإن تعدد الجوائز، التي ترعاها المؤسسات والجهات الحكومية أو الخاصة أو حتى الأفراد، أمر ذو أهمية بالغة في إذكاء روح التنافس، والسعي نحو الإجادة والتميز.
وأضاف: ها هم المبدعون في مجالات شتى يترقبون إعلان وتتويج الفائزين والفائزات بجائزة جدة للإبداع بنسختها الثالثة، ضمن ملتقى مكة الثقافي تحت شعار «كيف نكون قدوة؟»، ولا يخفى ما لهذه الجائزة من أهمية، فهي جزء من ملتقى مكة الثقافي، كما تنضوي تحت شعار «كيف نكون قدوة؟»، وهو سؤال بالغ الأهمية، لأن هذا الشعار يحيل إلى الاقتداء بسيد البشرية -صلى الله عليه وسلم-، الذي أمرنا الله تعالى في محكم كتابه بالاقتداء به، فقال: «لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ»، فمَنْ يسعى لأن يكون قدوته النبي -صلى الله عليه وسلم- فلا بد أن يفي باشتراطات، يأتي في مقدمتها رعاية القيم الإنسانية والأخلاقية، التي ستكون بالضرورة متسقة مع قيم الإسلام، وسيلزمه أيضا أن يكون سابقا لمَنْ يقتدون به، ومميزا عن نظرائه، وبهذا يستحق التكريم والحفاوة، فيكون التكريم على مزيج من الإبداع والابتكار والتميز، ورعاية القيم، ونفع الناس، وتلك منطلقات المملكة منذ تأسيسها حتى اليوم، فحق لمَنْ يحقق تقدما في هذه المنافسة أن نهنئه ونفخر معه بإنجازه.
روح التنافس
وقالت أستاذ كلية الآداب والعلوم الإنسانية قسم اللغة العربية جامعة جازان د. شادية شقروش إن جائزة الإبداع، بقيادة الأمير مشعل بن ماجد، من الجوائز التي لها أهمية كبرى في دفع الحراك الثقافي بعامة، وخدمة اللغة العربية، لغة القرآن الكريم، بخاصة، وهو الأمر الذي يعزز مكانتها، ويسهم في تعميق استخدامها في مقامها الخطابي التواصلي اليومي، لذلك فإن هذه الجائزة تحفز المبدعين وتشيد مبادراتهم الإبداعية في مجال اللغة العربية، كما تسعى إلى الكشف عن أسرار اللغة العربية، ومقامها السامي أثناء التخاطب والتواصل بين الأفراد، الأمر الذي سيعمل على تفعيل وتوسيع المنظومة اللغوية والإبداعية للغة العربية.
وأضافت شقروش: وتضطلع الجائزة بدور كبير في نشر روح التنافس بين المبدعين في مجال اللغة، وهو ما سيؤدي إلى التنوع في الإنتاج المقدم، كما تقوم باستثمار الطاقات الإبداعية ورفع كفاءة منظومتنا الثقافية؛ من أجل تحقيق التكامل التنموي المستدام الذي يربط اللاحق بالسابق، ويضيف حلقة جديدة من حلقات التحفيز على التخاطب باللغة العربية، والاقتداء بما قاله الرعيل الأول فيها، ومن هنا يمكن القول إن الأهمية الكبرى والدور البارز لجائزة الإبداع تكمن في اهتمامها ودعمها للغة القرآن العظيم، لما قاله الخليفة الراشد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: «تعلموا العربية، فإنها تزيد في المروءة وتثبت العقل»، وما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «اعلم أن اعتياد اللغة يؤثر في العقل والخلق والدين تأثيرا قويا بينا، ويؤثر أيضا في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين، ومشابهتهم تزيد العقل والدين والخلق، واللغة العربية من الدين، ومعرفتها فرض واجب، فإن فهم الكتاب والسنة فرض، ولا يفهمان إلا بفهم اللغة العربية، وما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب».
منجز حضاري
فيما أكد عضو هيئة تدريس اللغة العربية في جامعة الملك خالد بأبها د. خالد أبوحكمة أن جائزة الإبداع منجز حضاري يخدم اللغة العربية، ويسهم في نشرها والعناية بها، والحث على استخدامها في كل مناحي الحياة؛ لأن الجائزة ستكون حافزا لتعلمها والاهتمام بها، فمثل هذه الجوائز تسهم في الربط الوثيق بين المنجز الإبداعي في اللغة العربية، والإبقاء على اللغة في أرقى صورها واستعمالاتها العليا، وتكتسب الجائزة أهميتها من تبنيها الإبداع كعنصر من عناصر التطور الحضاري للغة، فضلا عن كون الفنون الأدبية عاملا مهما من عوامل الوجود الروحي للغة وتجددها واستمراريتها، وحضورها الإنساني المتوهج، وما تبني الدولة لمثل هذه المشاريع، التي تخدم العربية إلا صورة من صور الاهتمام بالوجود الدائم لها، وتعميق روح الانتماء إليها، ورفع مستويات ممارستها من قبل الأفراد والمجتمعات، كما أنها تجعل العلاقة وثيقة بين المبدع واللغة من جهة، والممارسات الاجتماعية والسلوكية من جهة أخرى، ما يرفع من مستويات الممارسة السلوكية للغة القرآن الكريم.
تعزيز حضور
وقال الشاعر جاسم الصحيح: لا شك أن اللغة هي العنصر الأهم في تكوين هويتنا العربية، وتعزيز حضورها في العالم، وهو ما يجب أن تسعى إليه جميع المؤسسات الثقافية في كل البلدان العربية، وأنا سعيد بالجائزة لأنها سوف تعزز حضور اللغة العربية، وبالتأكيد فإن المسألة أكبر من قضية جائزة، وسوف تتخطى ذلك إلى عمل على أرض الواقع، مثل برامج تخدم اللغة العربية، وتكريس حضور اللغة في المنتديات والأماكن العامة، وكل هذا في صالح اللغة العربية، فهي لغة القرآن، والعنصر الأهم من عناصر الهوية، ولا يمكن للهوية أن تتكامل من دون لغة.
وأضاف: نحن نتحدث عن جائزة مهمة، ونتمنى لها النجاح، وأعتقد أن وطننا يعمل بجد منذ عشرات السنين على تكريس اللغة، وأكبر دليل على ذلك إنشاء مركز الملك عبدالله، ثم مركز الملك سلمان، بالإضافة إلى المؤسسات الثقافية، التي تعتمد اللغة العربية لتكون هي اللغة التي نتحدث بها.