الوطن غال حتى وإن كان غيره أكثر نفعا منه فالوطنية صناعة عاطفية أخلاقية لمشاعر معلقة بالدين والثقافة والتاريخ أكثر من تعلقها بالهوية.
ومن هذه المنابع الأصيلة اتخذت كل قياداتنا المتعاقبة سياساتها الإيجابية لكل ما فيه مصلحة الوطن والمواطن غالبا، ويؤكد على صحة ذلك تلك المواقف الشامخة والرسائل النارية لصاحب السمو الملكي الأمير بندر بن سلطان الذي شارك في عمليات السلام الشرق أوسطية بشكل مباشر وغير مباشر فكشف الحقيقة لكل من كان في قلبه ذرة من وفاء وولاء في ذلك الحوار الذي بثته قناة العربية، ولولا تلك الإساءات الخطيرة والأحاديث المثيرة من هنا وهناك لما خرج وتكلم ذلك الرجل السياسي والعسكري والدبلوماسي، ومن النادر أن يتحدث مسؤول سعودي عن الماضي وذكرياته، حيث كشف لنا في ذلك اللقاء أن قادة هذه البلاد وطنيون من الطراز الأول وأن سياساتنا كانت ترتكز على المصداقية ومواقفنا تعتمد على الشفافية وأثبت مواقف المملكة الصادقة بالصوت والصورة كما حفظها التاريخ وكما أكدتها مصادر أخرى أمريكية وإسرائيلية تجاه قضايا الأمة عامة وقضية فلسطين خاصة.
إن الحديث عن تلك الذكريات سهل عندما تتحدث عنه ولكنه صعب عندما كنت تتعامل معه خاصة وأن الصراع العربي - الإسرائيلي من أشد الصراعات عنفا ومن أطولها عمرا ولولا تلك المتاجرة بالقضية والمزايدة عليها من أصحاب الشأن لما تأخر الحل ولما أصبحت مع الزمن التنازلات أكبر والخسائر أكثر فعذرا للشرفاء من الشعب الفلسطيني المغلوب على أمره فالدول اليوم أمام هذه الظروف وخلف تلك المتغيرات لن تبحث كثيرا إلا عن مصالحها الهامة والمهمة..