أنا وأنت ملاك ما نفكر به، بمعنى أن أفكارنا هي حقيقة معبرة عن شخصيتنا، وبالتالي ينصب ذلك كله وبشكل كبير على حياتنا العامة، فتجد أن أحدنا دائم الهدوء لا تؤثر فيه المواقف أيا ما كانت، قادر على التحكم في ردود أفعاله وتصرفاته، في حين أن البعض الآخر منا، من السهل استثارته، وعلى إثر ذلك تجده شديد الغضب سريع الانفعال لا يتحكم بتصرفاته، كما أنه لا يمكن التنبؤ بردود أفعاله، وكلا الشخصين الهادئ والانفعالي يعتبران قلة قليلة من الناس، بينما يتركز السواد الأعظم من الناس بين هذا وذاك، بمعنى أنك تجد أن غالبية الناس يتأثرون بمواقف معينة دون أخرى. ولنكن أكثر اتزانا ووعيا فعلينا أن نهتم ببناء الشخصية المتزنة القادرة على التحكم بعقلها وتصرفاتها وردود أفعالها، لذا علينا أن نركز على أمور ثلاثة هي: الأفكار، والسلوكيات، والمجتمع الذي يحيط بنا.
لكي نكون أكثر قدرة على التحكم في أفعالنا علينا أن نركز على أنماط تفكيرنا! فعلى كل واحد منا أن يدرك أن أفكاره تشكل واقعه، بمعنى أنه يتوجب عليه أن يدرك أن الصورة الذهنية التي ترتسم لديه عما يحيط به، تتشكل من خلال عقليته. فالمواقف الحرجة قد نتعرض لها في أي يوم، والظروف الصعبة تتواجد من حولنا في كل مكان، ولكن يمكننا أن نختار إما أن نحولها إلى فرص أو نكسات. وللتحكم الإيجابي في ذلك يتحتم علينا أن نؤمن بأننا نحن المسيطرون على عقولنا، فبينما لا نكون قادرين على التحكم في ظروفنا، فنحن وبلا أدنى شك قادرون على التحكم في عقولنا وبالتالي في سلوكنا وتصرفاتنا.
ولكي أكون قادرا على التحكم في عقلي وبالتالي في سلوكي، فعلي أن أراعي أمورا منها:
أولا: التدرب، يقول -عليه الصلاة والسلام- (إنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم) ويقول -عليه الصلاة والسلام-: (ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)، ومن ذلك أن تدرب نفسك على أن لا تستثار بسرعة في بعض المواقف البسيطة وأن (تعديها/ تمشيها) كما نقول بالعامية. وبالتالي ومع مرور الوقت سيتسع صدرك للتعامل مع أحداث ومواقف أكبر بكثير.
ثانيا: تعلم مهارة التنفس البطني، وهي محاولة التنفس «عبر المعدة» بقدر الإمكان: حيث ينبغي عليك أن تبدأ بالشهيق وأنت تتنفس من بطنك كما لو كنت تملؤه بالهواء، ثم صدرك، وعند الزفير «فرغ» بطنك أولا ثم صدرك، قم بتكرار ذلك وستجد الفرق حتما بإذن الله، لأن التنفس الصحيح يسهم في التقليل من التوتر ويمنع الأرق ويساهم في التحكم في المشاعر وتحسين القدرة على الانتباه.
ثالثا: عود نفسك على الاستمتاع باللحظة، فعندما تعيش لحظة ممتعة، لا تكدر صفو راحتك بالتفكير بأحداث أخرى تقطع عليك هذا الشغف، بل استمتع باللحظة الممتعة حتى آخر رمق.
رابعا: تخلص من المنغصات قبل أن تضع رأسك على المخدة، وتذكر قصة الصحابي الذي قال عنه الحبيب -عليه الصلاة والسلام- «يدخل عليكم رجل من أهل الجنة».
وبعد أن توظف عقلك وتستخدمه بشكل فاعل، بادر بالتكيف مع سلوكياتك واحرص على التقييم المستمر للسلوكيات الإيجابية والسلبية منها لصناعة أهدافك، واحرص على كسر حاجز الروتين اليومي الممل الذي يسهم وبشكل كبير في تعرضك لمزيد من الضغوط والإحباط، وبادر بوضع أهداف محددة وقابلة للتنفيذ وتابع نفسك لتنجزها.
نعلم جميعا بأن المجتمع المحيط بنا له تأثير ساحر علينا، فبعض الاجتماعات الأسرية وأماكن العمل والأخبار اليومية، بالإضافة إلى وسائل التواصل الاجتماعي مليئة بالإحباط والأفكار السلبية، لذا يجب علينا أن نخلق مجتمعنا الخاص المرن والقادر على التكييف والصمود، وذلك بأن نحيط أنفسنا بالفئة الإيجابية والمتفائلة، وأن نسعى إلى بث الروح الإيجابية بين أفراد المجتمع، ولنبدأ ببثها في مجتمعنا الصغير بين أفراد أسرتنا وبين زملائنا في العمل وبين الأصدقاء وفي محيط المجتمع وسنجد ذلك الأثر الإيجابي على أنفسنا وعلى من نحب.
قال إيليا أبو ماضي:
أيها الشاكي وما بك داء * كن جميلا تر الوجود جميلا
@azmani21