DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

18 % نسبة العقم بالمملكة.. وعي مرتبك ودراسات غائبة

مختصون: آثار نفسية واجتماعية لتأخر الإنجاب.. والظاهرة تتطلب مزيدا من البحث

18 % نسبة العقم بالمملكة.. وعي مرتبك ودراسات غائبة
كشف مختصون عن ارتفاع معدل انتشار العقم وتأخر الإنجاب بالمملكة والذي وصل إلى نحو 18 %، مشيرين إلى أهمية دراسة وبحث القضية، خاصة مع ما يترتب عليها من أبعاد نفسية واجتماعية كبيرة، قد تكون سببا في حالات الطلاق بين الزوجين.
وأكدوا لـ«اليوم»، أهمية نشر التوعية السليمة والتعامل الصحيح مع حالات العقم أو تأخر الإنجاب، وأهمية الفحص المبكر وعدم الاعتماد على العلاجات الشعبية، فضلا عن شن حملات تثقيفة تستهدف توعية المجتمع وخاصة الأهل بعدم التدخل وتشكيل ضغط على الزوجين، لتفادي التداعيات السلبية للمشكلة.
4 سنوات «دون إنجاب»
اكتشاف السبب مبكرا يسهم في العلاج
قال عضو هيئة التدريس وأخصائي طب الأسرة والطب المهني بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل، د. حاتم القحطاني إن معدل انتشار العقم وتأخر الإنجاب بالمملكة يصل إلى 18 %، وذلك وفقا لدراسة علمية أجراها مستشفى الملك فهد الجامعي بالخبر، مشيرا إلى أن هذه النسبة مرتفعة وتتطلب الاهتمام.
وأضاف إن تخصص طب الأسرة والمجتمع هو أحد فروع الطب الأساسية والذي ترتكز عليه الأنظمة الصحية الناجحة على مستوى العالم والذي يعتبر الخط الدفاعي الأول للوقاية من الأمراض وتجنب حدوثها واكتشافها مبكراً، والعمل على معالجة الأمراض في حال حدوثها والحد من تفاقمها ومن المفاهيم الأساسية لتخصص طب الأسرة الاستمرارية في رعاية المريض والنظر للحالة المرضية بشمولية والتي تشمل الحالة الجسدية والنفسية والاجتماعية في آن واحد.
وأوضح «القحطاني» أن الحالات المرضية الخاصة التي يتم النظر لها بشمولية تشمل العقم أو تأخر الإنجاب، والتي يتم تعريفها بعدم حدوث الحمل وتأخره لمدة سنة أوأكثر بالرغم من محاولات حدوث الحمل المستمرة وتجنب استخدام موانع الحمل.
وبين أن حالات العقم وتأخر الإنجاب قد ينتج عنها آثار متعددة على مختلف المستويات منها النفسي والجسدي والاجتماعي، وقد تمتد أحياناً إلى حدوث النزاعات والطلاق بين الزوجين، مشيرا إلى أن تأخر الإنجاب قد يكون من جهة الزوج فقط أو الزوجة أو من كليهما، ولذلك فإن رفع مستوى الوعي بالصحة الإنجابية بين الزوجين أمرٌ مهم للغاية والمبادرة في زيارة الطبيب في حالة تأخر الإنجاب واكتشاف ذلك مبكراً هو الخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح.
وقال إن هناك عدة ملاحظات تم رصدها بشأن العقم وتأخر الإنجاب، من بينها تأخر الزوجين في فحص الأسباب والاستهانة بالمشكلة، وثقافة «العيب»، لدى الكثيرين، فضلا عن استسلام البعض، باعتبار الأزمة مشكلة مرضية لا يمكن حلها، فضلا عن توجه كثيرين إلى التداوي بالأعشاب أو «الخلطات»، وكذلك ما يسمى بـ«التمريخ»، وهي أمور لم يثبت جدواها الطبية وبدون إشراف طبي، بل قد يؤدي بعضها إلى زيادة المشكلة.
ولفت النظر إلى أن الذرية هي هبة من الله وطلب الذرية أمرٌ مشروع ومطلوب بالدعاء والتداوي والعلاج كذلك، مشيراً إلى تطور الطب الحديث بتقنياته العالية في هذا المجال ومن ذلك استخدام الأدوية الطبية والتقنيات المتقدمة من أطفال أنابيب وحقن مجهري وتجميد للبويضات أو الحيوانات المنوية والدراسات لاتزال مستمرة للعلاج بالخلايا الجذعية وغير ذلك من الوسائل المتعددة.
وقال: يجب على الزوجين إدراك أن العقم والتأخر في الإنجاب لا يعني انقطاع الحياة أو اليأس بشكل مطلق بل يجب طرق أبواب العلاج والتفاؤل، الذي ينعكس على الصحة الإنجابية للطرفين، فضلا عن التفاهم والانسجام بين الزوجين لتقليل الخلافات الناتجة عن تأخر الإنجاب، مؤكدا أن اكتشاف السبب مبكرا يسهم في العلاج بشكل أفضل ويزيد من فرص النجاح.
وأشار «القحطاني»، إلى وجود حاجة ماسة لمؤسسات طبية متخصصة من القطاع الثالث والجمعيات الطبية الخيرية للمساهمة في توعية الزوجين ومساعدتهما في رحلة طلب الذرية، فضلا عن نشر ثقافة كفالة اليتيم وحضانته والرضاعة عبر برامج إدرار الحليب للزوجة بإشراف طبي، لتصبح من لم ترزق بالذرية أماً من الرضاعة لليتيم أو المحضون.
بين عضو الهيئة الملكية الكندية للجراحين أستاذ واستشاري جراحة المسالك البولية بمستشفى الملك فهد الجامعي بالخبر وعضو هيئة التدريس بكلية الطب جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل بالدمام د. خالد العتيبي، أن من أسباب العقم لدى المرأة تكيسات المبيض وارتفاع هرمون الحليب وعدم انتظام الدورة الشهرية، أما موانع الإنجاب لدى الرجال، فتتضمن الخلل في إنتاجية الحيوانات المنوية، بسبب قلة عددها أو ضعف الحركة أو شكلها.
وقال إن هذا الضعف له عدة أسباب منها دوالي الخصية، الذي يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الخصية وبالتالي ضعف إنتاجية الحيوانات المنوية، فضلا عن أسباب أخرى من بينها التدخين الذي يؤثر على إنتاجية الحيوانات المنوية بشكل كبير جدا، إضافة إلى حدوث التهاب مزمن في الخصية.
وذكر أن هناك عدة طرق لعلاج العقم منها معرفة السبب وإيقاف التدخين، فضلا عن علاج الدوالي عن طريق الجراحة والقسطرة الوريدية، وكذلك هناك علاجات مقوية تؤخذ لرفع إنتاجية الخصية وتحسين العدد والشكل والحركة.
وأضاف «العتيبي»، إن العلاجات الشعبية لا تفيد وقد تؤدي لنتائج عكسية، إذا لم تكن مستندة على أصول ومعلومات طبية معتمدة، مشيرا إلى أنه في حالة انعدام الحيوانات المنوية لدى الرجل، يتم استخراجها من الخصية، عن طريق إجراءات طبية.
موانع الإنجاب لدى الرجال والنساء
روت نوف المري، قصتها مع تأخر الإنجاب مشيرة إلى أنها استمرت بعد زواجها 4 سنوات دون إنجاب، وكانت تتعرض لكثير من الضغوط من جهة أهلها وأهل زوجها، جراء التدخلات وكثرة الأسئلة، والمضايقات.
وقالت إن فكرة عدم الإنجاب لم تؤثر سلبا علينا قبل ذلك، لكن بعد الضغط المتواصل قررنا إجراء الفحوصات التي أظهرت سببا بسيطا، وتم تفاديه من خلال العلاج.
وأكدت أن المجتمع، في كثير من الأحيان، يكون سببا مباشرا في تزايد الضغوط على الزوجين، دون مراعاة حالتهما النفسية الحرجة، مطالبة أي سيدة تأخرت في الإنجاب بضرورة الفحص مبكرا وعدم اليأس وطرق كافة أبواب العلاج.
«انعزال» عن المجتمع تجنبا لتدخل الآخرين
قال عسكر محمد، إن أحد أبنائه عانى من هذه المشكلة، وتأخر في الإنجاب لمدة 6 سنوات، وعانى من ضغوط مجتمعية كبيرة، إلى أن رزقه الله ـ تعالى ـ بالذرية، عقب رحلة علاج.
وأفاد بأن ابنه كان يحاول الابتعاد عن التجمعات ـ حتى العائلية ـ تجنبا لكثرة الأسئلة المتعلقة بتأخر الإنجاب، مطالبا بأهمية توعية المجتمع، ومراعاة شعور الزوجين في قضية تأخر الإنجاب، وعدم التضييق بكثرة السؤال وتضخيم الأمر أمامهما.
الضغط المجتمعي «الأكثر قسوة»
أكد ياسر المانعي، أب لثلاثة أطفال، أن قضية تأخر الإنجاب مرتبطة بأبعاد اجتماعية ونفسية وصحية، مشيرا إلى أن الضغط المجتمعي هو الأكثر قسوة، من خلال كثرة السؤال والتدخل المباشر في حياة الزوجين.
وأكد أهمية أن يعي أهل الطرفين أن مسألة الإنجاب لا تتطلب أكثر من الأخذ بالأسباب الطبية، وأن الضغط والتدخل لن يسفر إلا عن نتائج سلبية، مشيرا إلى أهمية توعية المجتمع بالتعامل الصحيح مع هذه الحالة، إضافة إلى توعية الزوجين بأن تأخر الإنجاب أو حتى العقم لا يعني نهاية الحياة، ولا بد من الأخذ بالأسباب دون يأس أو قنوط، فضلا عن عدم منح المشكلة أكبر من حجمها، وكأن الأمر أزمة أو كارثة، وهذا غير صحيح، لأن عطاء الله تعالى ومنعه خير للإنسان.
توطيد العلاقات الإيجابية يحد من التبعات
بينت المختصة الاجتماعية ريم العبيد أن قضية عدم الإنجاب لها تأثيرات نفسية على الأسرة، وقد تؤدي إلى التفكك الأسري والطلاق، مشيرة إلى أن العقم حالة مرضية قدرها الله -سبحانه وتعالى- ويصيب أي رجل أو امرأة لأسباب جينية، وهرمونية، والتهابية، ومناعية، وهي قابلة للعلاج في معظم الحالات خاصة مع التطور الطبي الكبير في هذا المجال.
وقالت «العبيد» إن الرجولة في المجتمع تقاس أحيانا بعدد الأولاد ويكون للإنجاب أهمية قصوى لتوطيد العلاقة بين الزوجين وتثبيت الأواصر العائلية بينهما وبين عائلتيهما وأقاربهما، مشيرة إلى أن «العقم» يسببب ضررا نفسيا عميقا، خاصة بعد تعرض كلا الزوجين إلى شتى التحاليل والمعالجات المؤلمة أحيانا، دون نتيجة.
وأوصت «العبيد» بأن يطرق الزوجان مختلف الحلول التي تساهم في تجاوز المشكلة، ومواصلة العلاج بعقل متفتح وروح إيجابية متفائلة وعدم اليأس من رحمة الله وفضله وإشباع الجوانب الأخرى مثل العبادة والعمل والعلاقات الشخصية والأسرية والهوايات والاهتمامات والرضا بقضاء الله، والابتعاد قدر الإمكان عن أي شخص يدفعه بطاقة سلبية، تجاه الزوجين.
وأشارت في الوقت ذاته، إلى توطيد العلاقات الإيجابية، والاقتراب أكثر من أولئك الذين يقدرون الشخص، ويمنحونه طاقة إيجابية وتفاؤلا، فضلا عن الاهتمام بالنشاطات الخيرية كزيارة دور الأيتام وكفالتهم ماديا ومعنويا أو كفالة طفل أو طفلة وعدم الخجل من الحديث عن المشاعر السلبية والإيجابية بين الزوجين والمقربين والتخفيف على النفس من معاناتها وإسعادها بوسائل مختلفة.
‫قال ‬المشرف العام على الجمعية الخيرية للتنمية الأسرية وئام بالمنطقة الشرقية د. محمد العبدالقادر ‫إن الجمعية تهتم ببناء الأسرة وتركز على الجوانب النفسية والاجتماعية والصحية، إضافة إلى الجوانب الاقتصادية وكذلك الجوانب الشرعية للزوجين.
وأضاف إن البرامج التوعوية التي تقدمها الجمعية للطرفين تشمل المقبلين على الزواج، سواء الشباب أو الفتيات، وتركز في بعض الفصول على الجوانب النفسية التي قد تمر بها الفتاة في حالة الإنجاب أو في حالة عدم الإنجاب.‬‬
وتابع «العبدالقادر‫» إن الفتاة تمر بمراحل نفسية وصحية تحتاج إلى مراعاة من قبل الزوج، مشيرا إلى أن نسبة كثيرة من الطلاق تكون بسبب اختلاف الثقافة بين الطرفين.
وأوضح أن البرامج التدريبية التي تقدمها الجمعية أسهمت في تقليل نسب الطلاق، والتي لم تتجاوز 3 % فقط، ممن حصلوا على برامج الجمعية قبل الزواج.
وأضاف إن «وئام» تعالج قضية تأخر الإنجاب من خلال البرنامج التدريبي، والذي يتم التركيز فيه على مراعاة الجوانب النفسية للزوجين، وهو ما ينعكس بشكل إيجابي في التعامل مع الحالة، مشيرا إلى أن «الوعي» سواء من جانب الزوجين أو الأهل أو المجتمع يساهم بشكل كبير في تقليل الآثار السلبية لتأخر الإنجاب، وتجاوز المرحلة بسلام.
برنامج تدريبي لعلاج الأزمة
تهيئة الزوجين على تقبل المشكلة
طالب يوسف الشهراني، بأهمية تهيئة الزوجين بتقبل قضية تأخر الإنجاب، وكيفية التعامل مع المشكلة، فضلا عن توعية المجتمع، بالتعامل الصحيح، مع الأزمة.
وأضاف إن الضغط على الزوجين، خاصة من الأهل، قد يكون هو أحد أهم أسباب المشكلات الزوجية، والانفصال، مشيرا إلى أهمية الوعي العام لدى المجتمع، وعدم تدخله في هذه المسألة.
وأكد أيضا أهمية عدم السماح بسيطرة المشاعر السلبية لدى الزوجين، والتوعية الطبية السليمة لهما، فضلا عن ضرورة الأخذ بأسباب العلاج. ولفت إلى أن علاج تأخر الإنجاب، مكلف نوعا ما، وقد يفوق استطاعة البعض على تحمله. ‬