يعلم الجميع أن الولايات المتأرجحة هي الصوت الحاسم في كل مرة تميل بها كفة الفوز لأحد المرشحين، تكساس ولاية جمهورية منذ الأمد، أما كاليفورنيا ولاية الاقتصاد والـ (بزنس) وهوليوود وسان دييجو وسان فرانسيسكو، فهي لا تخضع إلا للديمقراطيين، فالمتأرجحات لسنا مما سبق إطلاقا، أما نحن فنريد الجمهوريين لأن الديمقراطيين لا يعادون إيران، بايدن كان نائبا لأوباما فماذا فعل طوال سنواته في البيت الأبيض؟.
كل الحديث أعلاه كان محور متابعات نقاشات الأسبوع الماضي، فالانتخابات الرئاسية الأمريكية ليست كغيرها كما يصف الكثيرون، فيزعمون أنها أعظم دولة وبالتالي من الطبيعي أن تستحق كل هذا الزخم. شخصيا لا أحب الخوض في السياسة لعدة أسباب كونها كالرمال المتحركة تتغير بشكل سريع، وبالتالي معطياتها وعواملها وتبعاتها كذلك، وثانيا لأن لها دهاليز في الظل والنور يصعب اكتشافها أو تأكيدها، ثالثا «مالي بوجع الراس». سأضع أمريكا وسياساتها جانبا وأركز عليها كبلد فقط، كيف استطاعت أن تجلب أنظار العالم كله لها في شتى المجالات، في سياستها وحياتها وأفلامها وصناعتها وجامعاتها ولغتها وثقافتها، لماذا مثلا بلدان عظمى كروسيا والصين لا تحظى باهتمام حتى لو ربع ما تحظى بها انتخابات أمريكا من متابعة شعبية، كيف استطاعت الخطابات الأمريكية وتغطيات قنواتها الاستحواذ على الفضاء الإعلامي للعالم كله، كثير من القنوات الإخبارية ألغت برامجها وجندت طاقاتها لهذه الانتخابات على مدار 24 ساعة، ما أن يعطس سياسي في أمريكا إلا واهتزت «سيرفرات» العالم متناقلة تلك العطسة، كثيرون يقولون تلك السياسة واحدة مهما تبدل وتغير السياسيون الأمريكيون أقول ربما صحيح، ولكن لماذا كل هذا الزخم والاهتمام ونحن نعرف كل شيء قبل أن يبدأ؟ أمريكا برعت في كل شيء يبهر ويجذب، لم تستعرض ما تملك فقط لمجرد الاستعراض، وإنما استعرضت القدرة، التي تميزها عن غيرها إعلاميا وصناعيا وعلميا. قد تكون أمريكا هي الدولة الوحيدة، التي يعرف معظم العالم رؤساءها وأحزابهم وفترات رئاستهم، وأهم قراراتهم وأهم علامة في تاريخهم، الكل يعرف أن حرب الخليج في عهد بوش الأب، وأحداث سبتمبر في عهد ابنه ومجرمي داعش في عهد أوباما، أما «تشيلسي» ابنة بيل كلينتون فكانت ستصبح أول فتاة في العالم لوالدين رئيسين لو فازت أمها هيلاري في انتخابات 2016م أمام ترامب.
كيف صنعت أمريكا كل هذا التاريخ والحاضر والإعجاب بها كبلد يبهر العالم بكل شيء؟ هنا اتفق أن أمريكا دولة عظمى لا أتحدث سياسيا ولا عسكريا، بل عن تقدمها وجامعتها ومنتجاتها وأنموذجها في الحياة العصرية، إنها العقلية الأمريكية، التي يرنو لها كل ناجح، ما يستفاد من الأسبوع الماضي أن صدى الانتخابات وسخونة أحداثها جعلت العالم يحس وكأنه هو الرئيس الأمريكي.
وحتى ألقاكم الأسبوع المقبل أودعكم قائلا: (النيّات الطيبة لا تخسر أبداً) في أمان الله.
Majid_alsuhaimi@