هنا أذكر معاناة فتاة مصابة بالسكلسل وفقت بالزواج من شخص سليم وبعد سنين من الزواج بدأ حلم الأمومة يداعبها كأي أنثى وينعش مشاعرها وتطلعاتها لإنجاب طفل سليم معافى يملأ عليها حياتها فرحاً وبهجة. لكنها كانت ستدفع حياتها ثمنا لتحقيق ذلك الحلم.
تبدأ معاناة أي امرأة مصابة بالسكلسل وتحلم بالأمومة قبل الحمل بستة أشهر حين تقرر مرغمة التوقف عن الأدوية، التي تحافظ على حياتها فقط للحفاظ على سلامة جنينها. تقلل تلك الأدوية من الأعراض المؤلمة الناتجة عن تكسر الدم كانسداد الأوعية الدموية، الذي بالإمكان أن يحدث في أي مكان بالجسم وفي أي وقت أو متلازمة الصدر الحادة. من أشهر الأدوية، التي ينصح بها الأطباء هو دواء الهيدروكسي يوريا، الذي يستخدم في علاج مرضى السرطان لكنه لا يعالج مرض الأنيميا المنجلية، فكما ذكرنا سابقاً أن لا علاج له لكنه يساعد على تعزيز إنتاج الهيموجلوبين الجنيني، الذي عادة ما يتوقف إنتاجه بعد الولادة، وأيضا يساعد على خفض إنتاج الهيموجلوبين المنجلي مما يؤدي لتقليل نوبات الألم وأعراضه.
إذا نجحت المصابة في تخطي هذه الأشهر بدون تعرضها لنوبات تكسر أو جلطات أو أي مضاعفات أخرى ناتجة عن مشاكل صحية أخرى فستتمكن من حمل طفل في أحشائها لتدخل في دوامة معاناة أخرى.
لقد عانت بطلة قصتنا لهذا الأسبوع من جلطات متكررة في الرئة أجبرتها على أخذ حقن مسيلة للدم يومية ومدى الحياة. فإضافة لتكسر الدم كانت تعاني من مشكلة خفقان القلب فاضطرت لترك أدوية القلب أيضاً خوفاً على جنينها من التشوهات مما أدى لعودة مشكلة الخفقان. ستة أشهر من الجلطات المتكررة تلتها تسعة أشهر من الزيارات شبه اليومية لأطباء كل منهم يحولها على آخر لقلة خبرتهم في التعامل مع مريضة فقر دم منجلي حامل! فطبيبة النساء تحولها على أخصائي الدم والأورام، والأخصائي يحولها على طبيب القلب، والأخير يعيدها لطبيبة النساء، وهلم جرا.
جلطات في المخ تؤدي للشلل أو في الرئة، تضخم أو فشل القلب، فشل كلوي أو نزيف حاد يؤدي للوفاة أثناء الحمل أو الولادة، ذلك ما بالإمكان أن يحدث للأم في أي لحظة.
لحسن الحظ أن معاناة بطلة قصتنا انتهت بإنجابها طفلة سليمة من المنجلي وكالقمر. أعتقد أن قصة هذا الأسبوع ستجعلنا نتأمل كثيراً في جملة «أن الجنة تحت أقدام الأمهات».
@Wasema