حرص سعودي
المملكة لطالما جددت تأكيدها وحرصها بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، على وحدة الشعب العراقي الشقيق، وعلى التعاون مع الحكومة العراقية الحالية التي يقودها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، لتحقيق المصالح المشتركة، وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين بما يحقق الأمن والاستقرار للمنطقة.
ويعكس انعقاد الاجتماع المرئي بين سمو ولي العهد ورئيس الوزراء العراقي، معاني ودلالات سياسية، تظهر إيمان الحكومة العراقية بأهمية العمق العربي والإسلامي والثقل الكبير الذي تمثله المملكة.
وتشهد علاقات المملكة والعراق تطورا واسعا بمختلف المجالات، في وقت تمثل الفترة التي يتولى فيها مصطفى الكاظمي منصب رئاسة الوزراء فترة مهمة في تطور العلاقات وتبادل الزيارات.
إلى جانب ذلك، تمثل هذه العلاقات قوة ورسوخا وأزلية، عكستها مبادرة قيادة المملكة ومسارعتها في تهنئة «الكاظمي» بعد وقت قصير جدًّا من تسلمه رئاسة الوزراء، واتصال المباركة الشخصي الذي أجراه سمو ولي العهد وتضمّن دعوته إلى زيارة المملكة العربية السعودية.
متانة العلاقات
وتزداد متانة العلاقات بين البلدين، في ظل اهتمام القيادة السعودية بالوصول بها إلى أعلى مستوياتها، من خلال تأكيد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، على أهمية العلاقات التي تربط المملكة العربية السعودية وجمهورية العراق. وبالاجتماع المرئي الذي عقده سمو ولي العهد أمس الأول، مع رئيس الوزراء العراقي، أكد سموه على أهمية الاجتماع بين المملكة والعراق، منوها بالروابط بين البلدين لافتا إلى أنها روابط كبيرة جدا وعميقة جدا ومهمة، ويجب العمل على تحقيقها.
وما سيعزز ما سبق، الأثر الملموس الذي سيتوج بلقاء سمو ولي العهد ورئيس الوزراء العراقي في تقوية الروابط الأخوية الراسخة والتاريخية التي تجمع بين المملكة والعراق، وشعبيهما الشقيقين، وسيسهم في دعم وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، وإبعادها عن التوترات والسعي لإرساء الأمن المستدام. كما سيسهم لقاء سمو ولي العهد مع رئيس وزراء العراق في تعزيز التعاون بين البلدين في مواجهة خطر التطرف والإرهاب بوصفهما تهديدا وجوديا لدول المنطقة والعالم، كما سيسهم في دعم جهود بغداد بالتعاون مع التحالف الدولي للتصدي للإرهاب والتطرف، وتأمين الحدود بين البلدين الشقيقين.
المصالح المشتركة
إلى ذلك وفي السياق، وعبر مؤتمر صحفي عن بعد مع نظيره العراقي، فؤاد حسين؛ أشار الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية، إلى الاجتماع المرئي الذي جرى بين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، بقوله: إنه يأتي لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين والانطلاق بها نحو عهد جديد مما يعود بالنفع على المصالح المشتركة بين البلدين والشعبين الشقيقين.
وشدد ابن فرحان على ما تشهده العلاقات الثنائية بين البلدين والنقلات النوعية التي تتم من خلال مجلس التنسيق السعودي - العراقي الذي يعمل من خلاله الجانبان على الارتقاء بهذه العلاقات نحو آفاق أرحب في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والطاقة والتجارة والاستثمار وغيرها من مجالات التعاون المشترك.
ونجد ما ينبئ بمزيد من الروابط التي ستزيد من تطور التواصل بين البلدين، إعلان وزير الخارجية عن عدد من الإجراءات التي تصب في تطوير مجالات التعاون بافتتاح المنفذ الحدودي في عرعر الذي سيدشن ويشغل بعد أقل من أسبوع، بالإضافة إلى تدشين وبدء أعمال الملحقية التجارية السعودية في بغداد قريبا، والسعي إلى بدء تطوير بنود اتفاقية منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى بشكل ثنائي بين البلدين الشقيقين والانتهاء من تشكيل وانعقاد مجلس الأعمال المشترك.
مذكرات تفاهم
وبالنظر للبيان المشترك الصادر عن اجتماع الدورة الرابعة لمجلس التنسيق السعودي - العراقي المرئي الذي رأسه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد ومصطفى الكاظمي رئيس مجلس الوزراء في جمهورية العراق وبحضور وفدي حكومتي البلدين، وما تمخضت عنه الدورات الثلاث السابقة من اتفاقيات ومذكرات تفاهم تصب في تعزيز العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين، يظهر لنا جليا، عزم الرياض وبغداد على تعزيز العلاقات بينهما في كافة المجالات.
وبطبيعة الحال، لا بد من الإشارة لأهمية التنسيق السعودي - العراقي في مجال إمدادات الطاقة، وهو ما يعد ضرورة ملحة في سبيل استقرار الأسواق النفطية بما يخدم ويحافظ على العلاقة بين المستهلكين والمنتجين.
ما دلل أيضا على أهمية اللقاء الذي تحيط به الروابط والوشائج الأخوية الراسخة والتاريخية التي تجمع بين البلدين، وبين شعبيهما الشقيقين، التأكيد على أهمية توسيع آفاق التعاون الثنائي وتعزيزها بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين في المجالات المختلفة ولا سيما السياسية والأمنية والتجارية والاستثمارية والسياحية، والبناء على ما سبق وأن تحقق من نتائج إيجابية في الزيارات المتبادلة بين البلدين خلال الفترة الماضية.
استثمارات المملكة
لم يهمل الجانب العراقي أهمية رؤوس الأموال السعودية في إنعاش اقتصاده، داعيا الشركات السعودية للاستثمار في الفرص الواعدة هناك وفي مختلف المجالات، وهنا تنظر المملكة بإيجابية إلى تلك الدعوات، لا سيما في المجالات الحيوية مثل الطاقة، وتحلية المياه، والصناعات الغذائية.
ويجب التأكيد على أن المملكة تدعم جهود ومشاريع إعادة إعمار العراق وتواصل الوفاء بالتزاماتها التي قدمتها خلال مشاركتها في مؤتمر المانحين في الكويت في العام 2018، مما يؤكد أن الرياض لم تتوان يوما عن الوقوف إلى جانب بغداد في مختلف الظروف.
وبالعودة إلى طول الحدود بين البلدين، شدد الجانبان على استمرار التعاون المشترك في مواجهة خطر التطرف والإرهاب بوصفهما تهديدا وجوديا لدول المنطقة والعالم، واتفقا على استمرار دعم جهود العراق بالتعاون مع التحالف الدولي للتصدي للإرهاب والتطرف، كما أكد الجانبان على أهمية التعاون في تأمين الحدود بين البلدين الشقيقين. إضافة لذلك من الضرورة أيضا التركيز على -وفقا للبيان- تكثيف التعاون وتبادل وجهات النظر بخصوص المسائل والقضايا التي تهم البلدين على الساحتين الإقليمية والدولية بما يسهم في دعم وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، وضرورة إبعاد المنطقة عن التوترات والسعي لإرساء الأمن المستدام.
أعلى المستويات
ونلفت لأهمية استمرار التواصل والزيارات المتبادلة استكمالا للمشاورات الثنائية على أعلى المستويات، لتوسيع ومتابعة مجالات التعاون المشترك وبما يخدم مصالح البلدين الشقيقين، زيادة على تعزيز التنسيق في مجال الدعم والتأييد المتبادل في إطار الدبلوماسية المتعددة الأطراف ولا سيما للمناصب والوظائف في المنظمات الدولية.
وينظر العراق حكومة وشعبا ببالغ الامتنان والتقدير لهدية خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- للشعب العراقي والمتمثلة في بناء استاد رياضي، مما يعكس حرصه -يحفظه الله- على ازدهار العراق وتطورها في جميع المجالات.
كما يعكس قرار البلدين تفعيل أنشطة مجلس التنسيق السعودي - العراقي، إضافة إلى تفعيل الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة بين الجانبين عمق التعاون وتطور العلاقات بما يحقق المصالح الوطنية المشتركة ويسهم في تحقيق الأمن والاستقرار للمنطقة.
ويتضح حرص المملكة على دعم جهود العراق في مواجهة خطر كورونا من خلال الدعم الصحي العاجل الذي قدمته عبر توفير كميات ضخمة من المساعدات الطبية، تشمل الأدوية والمواد الطبية وأجهزة التنفس، ومستلزمات الحماية الشخصية.
تفعيل مشاريع
وفي سياق تمتين العلاقات بين البلدين بالمشاريع الحيوية، سيسهم تفعيل مشروع الربط الكهربائي بين البلدين، في دعم قدرات العراق على تلبية الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية، وإنهاء معاناة المواطنين العراقيين من الانقطاعات المتكررة للخدمة الكهربائية.
ويسعى الجانبان السعودي والعراقي إلى رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين، من خلال فتح منفذ جديدة عرعر، لا سيما وأن لدى المملكة توجها نحو إنشاء وتشغيل المنطقة اللوجستية في هذا المنفذ، لتكون منطقة اقتصادية خاصة.
ومن خلال مبادرات التعاون المشترك ضمن مجلس التنسيق السعودي - العراقي ستطبق بنود اتفاقية منطقة التجارة العربية الحرة الكبرى بشكل ثنائي بين البلدين الشقيقين، وتشكيل مجلس الأعمال المشترك بين البلدين.
يشار إلى أن العلاقات السعودية - العراقية تشهد تقدما وتطورا مستمرا منذ إعادة افتتاح سفارة خادم الحرمين الشريفين في العراق عام 2016، ومنها تحقق عدد من المنجزات المهمة أبرزها «مجلس التنسيق السعودي - العراقي».
وتتمتع المملكة بعلاقات مميزة مع الرئاسات الثلاث وأعضاء الحكومة والبرلمان بما ينعكس على مصالح البلدين، وتسعى المملكة مع رئيس الوزراء العراقي لتحقيق المزيد من التعاون وبناء جسور التواصل وتقريب وجهات النظر والمواقف المتعلقة بقضايا المنطقة.
جسور التواصل
وفي شأن حرص المملكة على إيجاد أرضية للتعاون والشراكة الإستراتيجية مع الشقيقة العراق في جميع المجالات بما ينعكس على مصالح البلدين والشعبين الشقيقين، أكد سفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية العراق عبدالعزيز الشمري، أن العلاقات بين المملكة والعراق الشقيق، شهدت تطورا كبيرا خلال السنوات القليلة الماضية بفضل الله ثم من خلال حرص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- على تعزير العلاقات بين البلدين، وسبل تطويرها في المجالات كافة، وبما يخدم المصالح المشتركة، ويسهم في عودة العراق للقيام بدوره في خدمة القضايا العربية والإسلامية.
وشدد الشمري على دعم المملكة لوحدة واستقرار العراق وإنجاح التوافق السياسي بين كافة مكوناته، وحفظ سيادته من التدخلات الإقليمية والدولية، ومساعدته في الحرب على الإرهاب وتنظيم «داعش» من خلال التحالف الدولي، والتنسيق الأمني، حيث طرحت السعودية العديد من الاستثمارات الضخمة على الجانب العراقي في عدد من القطاعات أهمها الطاقة والكهرباء والزراعة والتعدين والصناعة.