كلمة خادم الحرمين الشريفين في دورة الانعقاد الأول لمجلس الشورى الثامن يوم الأربعاء الماضي جاءت شاملة وضافية بحيث يمكن وصفها بحق أنها خارطة طريق للمرحلة القادمة، وللسياسة السعودية على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي، فقد تناول -يحفظه الله- في هذه الكلمة كافة الشؤون التي تهم المواطن، وتجيب عن أسئلة عديدة تشغل بال المراقبين والمهتمين، والذين يجيء هذا الاهتمام نتيجة إدراكهم لأهمية المملكة وموقعها على الصعيد العربي والإسلامي والدولي. وقد عددت هذه الكلمة أهم الإنجازات التي تمت بعون الله وتوفيقه في المرحلة الماضية، وفي مقدمتها النجاح الملموس لجهود الدولة في مواجهة وباء كورونا العالمي مما أدى إلى تخفيف الآثار السلبية لهذه الجائحة التي تعاني منها كافة دول العالم سواء الإنجازات على الصعيد الصحي من حيث تخصيص حوالي خمسين مليار ريال للقطاع الطبي وحشد الكفاءات والإمكانيات مما أدى والحمد لله إلى تناقص أعداد المصابين وزيادة أعداد المتعافين يوميا كما يبدو في الإحصائيات اليومية، وكذلك ما اتخذ من إجراءات لتخفيف الأعباء الاقتصادية والمالية على الأفراد والمؤسسات والشركات بما في ذلك تحمل الدولة الكثير من الأعباء المالية والأجور والإعفاء من الرسوم وغيرها حرصا على استمرار هذه الشركات والمؤسسات في عملها وتقليلا للخسائر قدر الإمكان، كما أشار -يحفظه الله- إلى نجاح المملكة في قيادة مجموعة العشرين منذ توليها هذه المسؤولية في شهر مارس الماضي، ونجاح الاجتماعات التي عقدت ضمن هذه المجموعة واستعداد المملكة أيضا للاجتماع القادم الذي سيعقد قريبا، وكذلك نجاح المملكة في استقرار أسعار النفط بالتنسيق مع الدول الأعضاء في مجموعة أوبك بلاس، والنجاحات التي تم إحرازها في كثير من المجالات الاستثمارية، وخاصة في مجال السياحة والرياضة والترفيه إضافة إلى ما تم إنجازه من أعمال أدت إلى استمرار الحياة الطبيعية للمجتمع، وخاصة في مجال التعليم بحيث واصل الطلبة والطالبات في جميع المراحل تعلمهم مع المحافظة على حياتهم وتجنبهم أية مخاطر قد تنجم عن التعلم الوجاهي المباشر، مما استدعى اتخاذ إجراءات مكثفة في مجال التعليم الإلكتروني الذي كان البديل الوحيد في مثل هذه الأحوال. أما على الصعيد السياسي فقد أكد -يحفظه الله- ثبات موقف المملكة تجاه العديد من القضايا الهامة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وتأييد المملكة لحقوق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على أرض وطنه وعاصمتها القدس الشرقية طبقا للقرارات الدولية ومبادرة السلام العربية، وتأييد المملكة الجهود الدولية الهادفة إلى تحقيق السلام في المنطقة، وكذلك بالنسبة للتدخل الأجنبي في اليمن الشقيق، وحرص المملكة على الاستقرار في اليمن وعلى سلامة أراضيه، ووضع حد للتدخل الإيراني في اليمن من خلال التحكم بعصابات الحوثي الطائفية وتزويدها بالسلاح الذي يستخدم في السطو على الشرعية وفي العدوان على البلدان المجاورة. وفي الشأن السوري أكد -يحفظه الله- موقف المملكة الثابت من الحل السلمي للأزمة السورية الذي يقوم على خروج القوات الأجنبية والعصابات المسلحة، ووضع حد للتدخل الإيراني في المنطقة، وكذلك حرص المملكة العربية السعودية على بناء أقوى العلاقات مع العراق الشقيق ومساعدته على الخروج من الأزمة الحالية، وتؤكد هذا الموقف الاتفاقيات الثنائية بين المملكة والعراق في كافة المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية من خلال مجلس التنسيق السعودي - العراقي الذي عقد آخر جلساته الأسبوع الماضي في مدينة بغداد، وصدرت عنه العديد من القرارات الواعدة، ومنها فتح المعبر الحدودي بين البلدين «جديدة عرعر» والذي سيتم خلال أسبوع -بإذن الله-.. ولا شك أن كلمة خادم الحرمين الشريفين في الجلسة الأولى للمجلس بتشكيلته الجديدة تؤكد الأهمية التي يوليها وولي عهده الأمين -يحفظهما الله- لدور مجلس الشورى في رسم السياسات الداخلية والخارجية، ومناقشة المشاريع، ومتابعة أعمال السلطة التنفيذية، خاصة وأن الدولة تحرص في كل مرة يتم فيها إعادة تشكيل المجلس على أن يضم الكفاءات الإدارية والفنية والقانونية والخبرات عالية الكفاءة والجودة في كافة المجالات، ويظهر ذلك من خلال تصفح السيرة الشخصية لأعضاء المجلس بمن في ذلك النساء اللاتي أثبتن منذ التحاق أول مجموعة منهن به الكفاءة والمقدرة في تنافسهن مع أشقائهن الرجال، ولا شك أن بشائر اكتشاف اللقاح الواعد للتخلص من وباء كورونا تحمل معها أيضا بشائر الانتعاش الاقتصادي والسير بخطوات حثيثة لتحقيق رؤية المملكة 2030 في كافة المجالات، وستظل هذه السنة الطيبة والتي تتمثل في الكلمة التي يفتتح بها خادم الحرمين الشريفين أعمال المجلس خارطة طريق لمزيد من الإنجازات والعمل المثمر -إن شاء الله-.
Fahad_otaish@