سياسة المملكة العربية السعودية، سواء المحلية أو الإقليمية أو الدولية، ترتكز على القيم السمحة التي جاءت بها تعاليم الدين الحنيف وسنة النبي المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، ويأتي التسامح، هذه الصفة النبيلة، ليكون ركيزة أساسية في مواقف الدولة وتوجهاتها ومبادراتها تجاه مختلف القضايا، تأتي بالتوازي مع ما أكرم الله به هذه البلاد من القوة والقدرة والمهابة والمكانة التي تضمن لها الضرب بيد من حديد على أي تجاوز وردع أي عدوان، ولكنها تؤثر دوما أن يكون التسامح المبدأ الحاضر وصاحب الأولوية في كل تعامل ورأي، مهما كان الطابع المصاحب والقالب الذي يشكل حيثيات الموقف الراهن. وهو نهج راسخ في سياسة الدولة منذ مراحل التأسيس وحتى هذا العهد الزاهر الميمون بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظه الله-.
يأتي ما أكده صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للدراسات والبحوث الإسلامية، خلال مشاركته في ملتقى حوارات المملكة الثالث بعنوان: «نتحاور لنتسامح»، الذي يقيمه مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، بمناسبة اليوم الدولي للتسامح، بأن نجاح التنمية وتعزيز التقدم لأي مجتمع يكون بالتسامح، وبه يتحقق التعايش السلمي بين فئات المجتمع على اختلاف طبائعهم وأجناسهم ومذاهبهم وثقافاتهم ونزاعاتهم، وإن قيم التسامح والتعايش مع الآخر هي قيم إنسانية نبيلة وضرورية لأمن واستقرار المجتمعات، وهي قيمة مستقلة، وبالتالي فإن تعزيزها كقيمة فردية ومجتمعية ليست مشروطة بالحوار، فالمجتمعات التعددية المتعايشة والمتسامحة حققت ذلك بتبني منظومات قانونية للآخر، وهي أيضا قيمة تدفع وتعزز الحوار المستدام وإنشاء قوانين ونظم تحمي جانب الفرد والمجتمع، فهي معطيات تختصر مضامينها تلك المفاهيم التي ترسم ملامح سياسة متأصلة في الدولة، وتؤكد أن القيم الإنسانية والتسامح بين البشر والعفو عند المقدرة وضبط النفس هو ما يقف باتزان مع قوة المملكة وقدرتها وحزمها عبر التاريخ.