آفاق جديدة للتطور والابتكار
قالت المستشار في التحول الرقمي د. عبير الحميميدي، إن المملكة نجحت بكل اقتدار في إدارة مجموعة العشرين والتي جاءت في ظرف استثنائي بكل المقاييس، ما يؤكد على قدرة المملكة بكوادرها البشرية ومكانتها العالمية التي فرضتها قوتها الاقتصادية والسياسية. مبينة أنه خلال هذا العام الاستثنائي والاضطرابات العالمية التي نتجت بسبب جائحة كورونا، قادت المملكة التجمع العالمي بكل سلاسة ويسر وبتحول سريع وشفاف لتستمر الاجتماعات التحضيرية للقمة افتراضيا بدون تأخير وبكفاءة عالية مستفيدة من القوة التقنية للمملكة. مضيفة إنه رغم تعاظم المسؤولية خلال هذا العام بسبب التحديات الصحية والاقتصادية والتعليمية والاجتماعية التي أحدثتها الجائحة، إلا أن المبادرات والإجراءات التي تم التوافق عليها وجهود المملكة في ذلك ساعدت على تخفيف أضرار الجائحة والتخطيط للتعافي من تبعاتها بأسرع وقت ممكن، إضافة إلى أن المملكة لم تغفل طرح محاور تمكين الإنسان وخصوصا المرأة والتي كان لها حضور قوي في مجموعات التواصل، ومناقشة آفاق جديده للتطور والابتكار والمحافظة على الكوكب.
قدرة استثنائية على قيادة العالم
أوضح الكاتب والمحلل السياسي يحيى التليدي، أن المملكة تولت رسميا رئاسة مجموعة العشرين في ديسمبر العام الماضي، وبعد شهرين اجتاح وباء كورونا العالم، ولذلك سارعت معظم دول العالم إلى اتخاذ تدابير وقائية وإجراءات احترازية للحد من تفشي الفيروس، حيث أغلقت الحدود، وألغيت رحلات الطيران، ومنعت دول مواطنيها من السفر إلى الدول التي وصلها الفيروس، وألغيت الأنشطة الرياضية والثقافية والأحداث العالمية المهمة، وهذه التدابير تسببت في ضربة مؤلمة للإنتاج والتجارة والأعمال وألغيت المؤتمرات العالمية، وانخفضت أسعار البترول، وظهرت مؤشرات لحدوث ركود اقتصادي عالمي، إلا أن المملكة استشرفت خطورة الوباء، وكانت من أكثر الدول حرصا على حماية مواطنيها والمقيمين فيها وزوارها، واتخذت قرارات شجاعة وتاريخية تظهر كيف يكون حرص الدول على شعوبها، ولأنها تتولى رئاسة قمة العشرين، ارتأت ضرورة التحرك على المستوى العالمي واتخاذ التدابير الجماعية لاحتواء تفشي الوباء العالمي. واستضافت عدة قمم افتراضيا على مستوى وزراء الاقتصاد والطاقة والمالية في المجموعة، وذلك لدعم الاستجابة لمقاومة تفشي كورونا وحماية النمو الاقتصادي العالمي من الصدمات نتيجة تأثيرات هذا الوباء. واستطاعت من خلال قيادتها لهذه القمم تنسيق الجهود بين دول المجموعة ومع المنظمات الدولية بكل الطرق اللازمة لتخفيف آثار الوباء ووضع سياسات استباقية على مستوى العالم متفق عليها لتخفيف آثاره على كل الشعوب والاقتصاد العالمي، وتحديد المتطلبات وإجراءات الاستجابة اللازمة، والأكيد أن المملكة أظهرت للعالم قدرتها على قيادة العالم وسط هذا الظرف الاستثنائي الذي يمر به العالم، وقدمت مع دول العشرين سياسات اقتصادية فاعلة مستدامة للتعامل مع مثل هذه المستجدات، وإيجاد حلول للقضايا الاقتصادية الشائكة.
دور محوري في تجاوز التحديات
أشارت الأكاديمية بجامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز د. تهاني الدسيماني، إلى أن عاصمة مملكتنا الحبيبة تتأهب لاستضافة القمة السنوية لقادة دول العالم الأكبر اقتصادا وتأثيرا في المشهد الدولي، وبدأت الرئاسة السعودية لمجموعة العشرين في ديسمبر 2019 ببرنامج عمل شمولي وطموح يستهدف تمكين الإنسان والحفاظ على الكوكب، ومن منطلق نظرة بعيدة المدى وشمولية لكافة القضايا، جاء الهدف العام لبرامج رئاسة المملكة بأهمية اغتنام فرص القرن الـ21 للجميع، لخدمة جميع دول العالم وكل فئات المجتمع. وطرحت المملكة وجهات نظر فريدة من نوعها على طاولة مجموعة العشرين وكان دورها محوريا في عملية صياغة السياسات وتجاوز التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي، وبعد جائحة كورونا وباعتبار المملكة رئيسا للمجموعة في 2020، فقد قادت العالم لمسار النهوض والاتحاد لصد تبعات الجائحة، وتمكنت المملكة من كسب تأييد واسع من دول المجموعة في قرارات مكافحة الفيروس.
نتائج ملموسة في مواجهة الجائحة
أبان الباحث والمحلل السياسي مبارك آل عاتي، أنه بالرغم من تداعيات الجائحة وضغطها على خطط وسياسات العالم أجمع إلا أن المملكة نجحت في قيادة مجموعة العشرين في عام استثنائي بظروفه وأحداثه السياسية والاقتصادية والصحية، ورغم خطورة الجائحة وما أحدثته من تغيرات إلا أن القيادة السعودية أظهرت كفاءة عالية في إدارة الأزمة واحتواء آثارها، ورصد المليارات لمواجهتها صحيا عبر دعم منظمة الصحة العالمية ومراكز الأبحاث والمؤسسات الطبية في العالم وتقديم تريليونات الدولارات لدعم تعافي اقتصاديات الدول ومساعدة الأشد فقرا والأكثر احتياجا، ونحن على بعد أيام من انعقاد قمة قادة العشرين - الأكبر اقتصادا وتأثيرا في العالم - بعد عام كامل شهدت خلاله انعقاد 180 اجتماعا و16 اجتماعا وزاريا رفيعا، إضافة إلى القمة الأولى الاستثنائية في مارس الماضي لنصل إلى القمة الاعتيادية التي تفصلنا عنها ساعات، فقد نجحت القيادة في إحداث تحول اقتصادي واجتماعي كبير لشعبها محققة التقدم والرغبة في اغتنام فرص القرن الحادي والعشرين، مؤكدة أنها بالعمل مع الشركاء الدوليين والمجتمع المدني والأعمال والاجتماعات سيتمكن العالم من استعادة النمو والتعافي والحماية، ولقد بذلت الرئاسة السعودية جهودا استثنائية أثمرت نتائج ملموسة لمواجهة أخطر أزمة يواجهها العالم، آخذة في صلب اهتماماتها حماية الأرواح ودعم تعافي الاقتصاد والعمل المتكامل للإسراع باستعادة الحياة الطبيعية للبشرية جمعاء.
نموذج مشرف في مساعدة الدول النامية
ذكرت الأكاديمية المتخصصة في السياسات السكانية والتنمية د. عبلة مرشد، أن رئاسة المملكة لمجموعة العشرين جاءت في عام استثنائي بكل المعايير والظروف بسبب جائحة كورونا، والتي انعكس تأثيرها السلبي على كافة القطاعات في العالم، وأعطت المملكة نموذجا مشرفا على المستوى الوطني والدولي في إدارتها للجائحة واحتوائها محليا وفي تعاونها مع العالم في تقديم دعمها المادي والإنساني، وقد كان المؤتمر الدولي الذي عقد بدعوة من خادم الحرمين الشريفين لتحقيق التعاون الدولي في مكافحة الجائحة وتقديم المساعدة للدول الأقل نموا، كان ذلك نموذجا لقيادة إنسانية على مستوى العالم، وحتى الآن تشهد المملكة حراكا عالي المستوى في جميع القطاعات من خلال عقد لقاءات دولية مع شركائنا في مجموعة العشرين ومع مجموعات من الدول والمشاركين المهتمين بالتنمية الدولية في جميع مجالاتها، وأثبتت المملكة أنها ترتكز على قاعدة اقتصادية متينة وتتمتع بقيادة رائدة نفتخر بها وطنيا ونعتز بحكمتها وتميزها في إدارة لقاءات مجموعة العشرين رغم التحديات القائمة.
خطط استثمارية وتنموية طموحة
بين المحلل الاقتصادي عبدالرحمن الجبيري أن رئاسة واستضافة المملكة للقمة تؤشر إلى دورها ومكانتها الرائدة ومنهجها الراسخ نحو الدفع قدما بأطر التعاون الاقتصادي إقليميا وعربيا وعالميا، كما أنها في ذات الوقت تعكس اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمين -حفظهما الله- ودعمهما المتواصل لبرامج الاقتصاد السعودي والعالمي ودعم أطر التعاون الدولي في مختلف المجالات، وتؤكد أن اقتصاد المملكة يواصل ازدهاره ونموه المتسارع حيث تحتل المملكة المرتبة 17 بين اقتصاديات دول مجموعة العشرين G20 من حيث الناتج المحلي الإجمالي، لما يمتلكه من مقومات وفرص هائلة ومتنوعة، إضافة إلى التوجه الفاعل نحو التنوع في قاعدة الاقتصاد اللانفطية والتوظيف الأمثل للموارد الطبيعية، وتطوير مهارات الموارد البشرية وقطاعات الأعمال والدفع بها نحو خطط استثمارية وتنموية طموحة ذات ثقة مستقرة، حيث تشهد المملكة حاليا العديد من المشاريع العملاقة بآليات متوازنة ومتكافئة.
وأضاف «الجبيري» إن القمة هي نتاج لثمرة الجهد المبارك لسمو ولي العهد -حفظه الله- واهتمامه بنجاحها والذي يعكس المكانة الكبيرة للمملكة، حيث يؤكد دائما على أهمية المضي قدما في بناء شراكات وعلاقات اقتصادية دولية متميزة وفاعلة، إضافة إلى التحالفات مع كبار الشراكات العالمية كخطوة مهمة نحو تعزيز فرص الاستثمار والتكامل الاقتصادي العالمي، ولذلك يدرك قادة دول العالم أهمية المملكة وبعدها المؤثر والدور الإيجابي في تعزيز استقرار الأسواق العالمية، وخاصة أسواق الطاقة العالمية من خلال دورها الفاعل في السوق البترولية العالمية وعملها الدؤوب على دعم الأسس المتوازنة للسوق في جانب المنتجين والمستهلكين للطاقة.