وتابع يقول: لكن الآن، فإن فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية يخلق فرصة للانتقال من المواجهة إلى الوفاق.
الوفاق والصداقة
وأردف فيرغسون يقول: لا ينبغي الخلط بين الوفاق والصداقة، أيا كان ما سيأتي من دبلوماسية الرئاسة الجديدة، فمن غير المرجح أن تكون حقبة جديدة من الصداقة الصينية الأمريكية.. الوفاق يعني الحد من التوترات المتأصلة في الحرب الباردة وتقليل خطر أن تصبح حربًا ساخنة.
وأضاف: بحسب هنري كيسنجر، الذي كان مهندس الوفاق مع الاتحاد السوفييتي في السبعينيات، فإن الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي متنافسان أيديولوجيان، والوفاق لا يمكن أن يغير ذلك، لأن العصر النووي يجبرهما على التعايش.
وتابع: كتب كيسنجر في مذكراته «سنوات البيت الأبيض»، التي نُشرت عام 1979، قبل 10 سنوات من النهاية الفعلية للحرب الباردة الأولى، أن الوفاق يعني الردع والتعايش، والاحتواء وبذل الجهد لتخفيف التوترات.
ومضى الكاتب يقول: اليوم، تجد الولايات المتحدة والصين نفسيهما في سفوح الحرب الباردة، كما قلت، هذه الحرب الباردة لم يبدأها ترامب، لقد نشأت عن طموح الصين، تحت قيادة شي، لتحقيق شيء مثل التكافؤ مع الولايات المتحدة، ليس فقط في الاقتصاد ولكن أيضًا في سياسات القوى العظمى.
الحرب الباردة
وأردف الكاتب يقول: الشيء الوحيد المدهش في الحرب الباردة الثانية هو أن الأمريكيين استغرقوا وقتًا طويلاً ليدركوا أنهم كانوا فيها.
وتابع: عندما هدد ترامب لأول مرة بفرض رسوم جمركية على البضائع الصينية في الحملة الانتخابية لعام 2016، سخرت مؤسسة السياسة الخارجية، لكنهم الآن لم يعودوا يسخرون.
وأردف: لم يقتصر الأمر على أن المشاعر العامة الأمريكية تجاه الصين أصبحت أكثر تشددًا بشكل ملحوظ منذ عام 2017، لأن الصين هذه الأيام واحدة من الموضوعات القليلة التي يوجد بشأنها أيضًا إجماع حقيقي من الحزبين داخل النخبة السياسية في البلاد.
ومضى يقول: على عكس الرئيس المنتخب نفسه، أمضى أعضاء فريق الأمن القومي القادم لبايدن السنوات الأربع الماضية في تشديد موقفهم من الصين.
وأضاف: في مجلة «فورين أفيرز» هذا الصيف، جادلت ميشيل فلورنوي، المرشحة المفضلة لشغل منصب وزيرة الدفاع في الإدارة الجديدة، بأنه إذا كان لدى الجيش الأمريكي القدرة على التهديد بشكل موثوق بإغراق جميع السفن العسكرية والغواصات والسفن التجارية الصينية في بحر الصين الجنوبي في غضون 72 ساعة، فقد يفكر القادة الصينيون مرتين قبل شن حصار أو غزو تايوان على سبيل المثال.
مفهوم كيسنجر
وأشار فيرغسون إلى أنه في العام الماضي، قدم كامبل وجيك سوليفان (الذي كان مستشار الأمن القومي لنائب الرئيس بايدن في 2013-2014)، ما بدا وكأنه حجة صريحة للوفاق وفق مفهوم كيسنجر للمصطلح.
وتابع: لقد كتبا أنه على الرغم من الانقسامات العديدة بين البلدين، سيحتاج كل منهما إلى الاستعداد للعيش مع الآخر كقوة عظمى.
وأردف يقول: مع ذلك، فإن الدرس المستفاد من الوفاق هو بالتأكيد أن قوة عظمى يحكمها حزب شيوعي لا تعتبر التعايش السلمي غاية في حد ذاته، موضحا أن النفوذ الحاسم الذي أجبر موسكو على مواصلة الوفاق هو الانفتاح الأمريكي على الصين في فبراير 1972.
ولفت إلى أن مصطلح الوفاق أصبح محل ازدراء في الولايات المتحدة، موضحا أن صعود رونالد ريغان كحامل لواء اليمين الجمهوري كان مبنيًا على حجته بأن الوفاق كان طريقًا باتجاه واحد استخدمه الاتحاد السوفيتي لتحقيق أهدافه.
وتابع: خطر الوفاق هو أن بايدن سيكون «جيمي كارتر 2»، طوال السنوات الأربع، التي قضاها في البيت الأبيض، كان كارتر ممزقاً بين الجناح اليساري «التقدمي» لحزبه ومستشاري الأمن القومي الصقور، وانتهى به الأمر ذليلا عندما مزق الاتحاد السوفيتي الوفاق بغزو أفغانستان.
تقديم تنازلات
وأوضح أن الصين لن ترغب من الإدارة الجديدة أكثر من إنهاء كل من الحرب التجارية وحرب التكنولوجيا التي شنتها إدارة ترامب، وعلى ما يبدو فإن فريق بايدن مستعد لتقديم تنازلات، متسائلا: لكن مقابل ماذا؟
ونبه إلى أن الدرس المستفاد من الحرب الباردة الأولى هو أن الاختبار النهائي لأي سياسة للأمن القومي هو أزمتها الأولى، وتابع: في عام 2021، هناك فرصة كبيرة لأن توفر كوريا الشمالية لإدارة بايدن أول تحدٍ لها في السياسة الخارجية في شكل صاروخ جديد أو تجارب نووية، لكن هناك سيناريو آخر: أزمة تايوان، التي يمكن أن تكون كوبا 1962 جديدة.
وأضاف: لا ينبغي أن يكون لدى بايدن أوهام بشأن شي، لأن الهدف النهائي للزعيم الصيني هو وضع حد للحكم الذاتي الفعلي والديمقراطية لتايوان ووضعها بالكامل تحت سيطرة بكين.
وعلق بقوله: رغم أن الولايات المتحدة والصين في سفوح حرب باردة، لكن لا يوجد سبب وجيه للخوض في عقود من سياسة حافة الهاوية قبل الدخول في مرحلة الوفاق في هذه الحرب الباردة.
وأضاف: مع ذلك، كما في زمن كيسنجر، لا يمكن أن يعني الوفاق أن تمنح الولايات المتحدة الصين شيئًا مقابل لا شيء، إذا ارتكبت إدارة بايدن القادمة هذا الخطأ، فلن يتباطأ ورثة رونالد ريغان في الحزب الجمهوري في تذكيرهم بأن «الوفاق» كان ذات يوم كلمة قذرة في اللغة الإنجليزية الأمريكية.