وعلى ذكر الشطرنج، تابعت في الأيام القليلة الماضية المسلسل الأمريكي The Queen's Gambit، الذي يعرض على إحدى المنصات الرقمية التليفزيونية.
والحقيقة أن المسلسل يبدو لمَنْ يشاهده أنه يحكي عن قصة صعود فتاة يتيمة لتصبح واحدة من بطلات لعبة الشطرنج.
لكن في الواقع المسلسل يحكي عن كيف يمكن أن تطبق قوانين لعبة الشطرنج لتصبح إنسانا أفضل، وكيف يمكن للعبة تُمارس على لوح صغير أن تتحول لطريقة إدارة حياة كاملة، وتحقيق النجاح والوصول للأهداف فيها.
المميز في المسلسل أنه لا يحكي كيف استطاعت الفتاة أن تصبح لاعبة شطرنج محترفة فحسب، بل كيف استفادت من الشطرنج لتكون إنسانة أفضل في ظل مجتمع ينافسها بشدة وأعداء لا يريدون نجاحها.
ولأن الحديث هنا عن الشطرنج، نتعلم من هذه اللعبة أن الحياة لا صُدف فيها ولا حظ، وأن كل ما يحدث حولنا مُنظم ومرتب بعلم الله سبحانه وتعالى، وأننا نستطيع بالالتزام وبذل المجهود تحقيق النجاح وتذليل العقبات.
ويقول تيد تيرنر: «الحياة والعمل مثل لعبة الشطرنج تماماً، يجب أن تنظر فيهما إلى المستقبل دائماً، وتتوقع ماذا سيحدث لخطوات عديدة قادمة، وللأسف قليلون مَنْ يفعلون ذلك، هم يفكرون في خطواتهم الحالية، ولذلك كثيراً ما ينهزمون».
نتعلم من الشطرنج متى نهاجم ومتى ندافع. وكيف يمكن للانسحاب أن يكون اختيارا إستراتيجيا لتنظيم الصفوف والتمهيد لخطوة تحسم اللعبة لصالحنا. وأن الاستسلام خيار العاجز. فكم من مرة كان اللاعب يفكر في الاستسلام، وبدأ يدخل في دوامة اليأس لكن الحال ينقلب لصالحه في آخر لحظة بشكل لم يكن ليحدث لو كان قد استسلم. وهذا ما يحدث في الحياة.
الشطرنج تعلمك كيف أن التعامل في الحياة بشرف بلا غش قد يكون صعبا، لكن طعم النجاح بهذه الطريقة أجمل بكثير من النجاح، الذي قد يأتي بطرق أخرى، وأن النجاح المبني على المجهود يدوم وينفع صاحبه.
وأخيرا تُعلمنا الشطرنج أن العمل الجماعي هو السبيل لتحقيق النجاح، وأن دور كل فرد على حدة ربما لا يبدو مهماً، لكن حالة التناغم بين أدوار الجميع هي التي تحقق الانتصار. لذلك تعلّم أن تؤدي دورك كما ينبغي، فحركة أكبر الماكينات تعتمد غالبا على إنجاز أصغر التروس. وكما قال فيل جاكسون: «قوة الفريق هو كل فرد. قوة كل عضو هو الفريق».
@Abdul85_