وتمتاز مباني القرى الأثرية القديمة والمتناثرة على طول مرتفعات منطقة عسير، خاصة في محافظة ظهران الجنوب والمراكز التابعة لها تحديدًا في الحرجة والفيض، بارتفاعاتها الشاهقة وطابعها الهندسي والمعماري الفريد والأخّاذ، وتختلف في أحجامها من مكان لآخر، فبعضها يصل ارتفاعه إلى أكثر من خمسة أدوار، وكل دور يتألف من خمسة إلى ستة مداميك، وكل مدماك قد يصل ارتفاعه وسُمكه إلى أكثر من متر، مبنيّ في الغالب من الحجارة والطين المخلوط معه تبن وحشر «المنقى من درس القمح والشعير» لتعطي المبنى القوة والصلابة.
أسقف البيوت
أما أسقف هذه البيوت، فعبارة عن سيقان وأغصان نبات الطلح والسدر وجريد النخيل، مثبت بطمي الطين المكسو بالحشر، التي تأخذ في شكلها الخارجي طرازًا معماريًا وهندسيًا فريدًا، ونقوشًا وزخارف رائعة من الداخل، تعبّر بجلاء عن عبقرية وحضارة سكان هذه المنطقة منذ الأزل، فتظهر هذه البيوت والقصور بين البساتين والحقول كالأعلام في منظر ولا أروع.
التخطيط الهندسي
وفيما يخصّ التقسيم والتخطيط الهندسي الداخلي لهذه البيوت، فلكل دور من الأدوار التي يتألف منها البيت نظام ووظيفة معينة، فالدور الأرضي يستخدم في العادة كمخازن للمنتجات الزراعية والحيوانية، وقديمًا كان مأوى للماشية، أما الدور الأول فهو دور الضيفة «الضيافة»، حيث يوجد به الديوان، أو ما يُدعى بغرفة المناسبات «المجلس»، وفيها يتم استقبال الضيوف الذين ينامون أيضًا في الدور نفسه.
الأدوار العليا
وفي الدور الثاني توجد غرف خاصة بالنساء والأطفال، أما الأدوار العليا فينفرد بها الرجال، فتوجد غرفة النوبة أو المفرج «من الفرجة» في أعلى المنزل، حيث يتمكّن الجالسون فيها من مشاهدة الحقول والبساتين، ونوافذها عادة مصنوعة من الخشب المنحوت عليه أشكال ونقوش غاية في الجمال والإبداع.
مزايا متعددة
ومن مزايا هذه المنازل الأثرية تشابه تخطيطاتها إلى حد كبير من حيث التقسيمات الداخلية ومساحات الوحدات ومسمياتها ووظائفها، كما تتميز باستخدام مادة الحجر في بناء الأساسيات والطابقين الأرضي والأول، لتتحمّل الضغط الواقع عليها من الطوابق العلوية، وكذلك لمقاومة السيول والرطوبة، نظرًا لكثرة أمطار منطقة عسير، كما تم تصميم واجهات المنازل بما يناسب حركة الشمس.