واستكمل الغانم، بقوله: «بالتالي أتمنى أن يكون الابتكار جزءا مهما من منظومة التعليم، وأن نخلق لغة مشتركة عن ماذا نقصد بالابتكار، ويكون مفهوما عند أكبر قطاع من الناس؛ حتى تكون العملية شاملة، ويشارك فيها الجميع لتحقيق الازدهار والارتقاء بالوطن بحول الله.
استشراف المستقبل
وعن تعريف الابتكار، أخبر أنه، ومنذ زمن طويل، حصل تشويش في موضوع تعريف الابتكار، وخلط بينه وبين الاختراع والإبداع، ونقصد بالابتكار ما يهدف للتغيير للبقاء على صلة بالواقع، وعلى استشراف المستقبل ومواجهته، ووضع الحلول لتحدياته.
منظومة شاملة
وأضاف: الابتكار ليس فعالية أو مرحلة قصيرة الأمد نتحدث عنها ثم نمضي، بل هو منظومة من الأعمال التي تبدأ قبل وضع الأفكار واستكشاف المشكلات، ويمر عبر مرحلة وسلسلة من العمليات والمراحل، من ضمنها اكتشاف المشاكل ووضع الحلول لها، ويدخل في ذلك مراحل أخرى، مثل الإبداع والاختراع، فالابتكار هو المنظومة الشاملة لعملية الإبداع والاختراعات والأفكار والحلول، وتعتبر مخرجات هذه الأمور كلها في منظومة الابتكار، وهو المظلة الشاملة والمراحل المتعددة التي نخلق من ضمنها الحلول المناسبة لتحديات الواقع، وكذلك لوضع التصورات وحلول المستقبل.
محدودية الموارد
وعن الإبداع، أبان أنه المرحلة التي يتجلى فيها الخيال لوضع حلول خارج ما هو سائد أو المتعارف عليه، فالإبداع دوما يقاس بمحدودية الموارد، وكذلك بمستوى هذه الموارد، لذلك كلما قلّت الموارد كان الإبداع في مستوى أعلى، فالإبداع مرحلة مبدئية في رحلة الابتكار.
حالة فنية
وأوضح الغانم أن الاختراع حالة فنية بحتة، تقوم على وضع حل جديد لم يسبق له أحد، أو تحسين شيء قائم كإضافة مميزات، وخلق قيمة جديدة، فالاختراع مرحلة فنية بحتة ليس له قيمة وحده، فتظل الاختراعات موجودة بكثرة، ولكن بأغلب الأحيان ليس لها قيمة، فكل عام يكون هناك مئات الآلاف من الاختراعات، ولكن دراسة بمجلة فوربز وجدت أن أكثر من 95 % من الاختراعات دون قيمة، ولا يمكن تحويلها إلى شيء يستطيع الناس الاستفادة منه، لذلك لا نريد أن تكون لدينا رغبة في إنتاج أشياء ليس لها قيمة لمجرد الحصول على براءات الاختراع، فهذه البراءات ليست هي الابتكار المأمول وليست مقياسا له، لكنها مجرد رقم لأشياء ربما لن تكون لها فائدة، وربما حتى لا يمكن قياسها، فليس بالضرورة أن يكون ما تم اختراعه ذا فائدة، بل الغالبية العظمى من براءات الاختراع لا تشكل قيمة في حياة الناس، وهذا ضد مبادئ الابتكار.
وأضاف: الابتكار يجب ألا يكون عبثا، وأن يكون له هدف وأساليب واضحة لتوظيف هذه الاختراعات بشكل مناسب، وعدم إضاعة الموارد في وضع اختراعات ليس هناك هدف من إنتاجها.
أنواع الابتكار
وأوضح الغانم أنه في المنظمات من الممكن وجود 3 أنواع من عملية الابتكار، كأن يكون هناك ابتكار مركزي في منظمة معينة، وتكون هناك جهة معنية بالابتكار تقوم بتطوير العمل بالمنشأة، وأن يكون الابتكار في جميع أجزاء المنظمة وألا يكون مركزيا، كأن يقوم كل قسم أو إدارة بإنشاء الابتكار الخاص به بما يحقق إستراتيجية المنظمة، ويمكن أن يكون مزيجا بين النوعين، المركزي وغير المركزي.
إستراتيجية الوطن
وأشار إلى أنه على مستوى الوطن، لا يحبذ أن تكون هناك جهة مركزية تحدد اتجاهات الابتكار، ولكن يفضل أن يكون هناك إستراتيجية وطنية ترسم معالم الأهداف التي نريد تحقيقها، ونوظف الابتكار لتحقيق هذه الأهداف، ولا يوجد لدينا بالمملكة إستراتيجية وطنية للابتكار، بل لدينا توجه متخصص في الابتكار برؤية المملكة لخلق ونشر ثقافة الابتكار، ولكن هذا لا يكفي، فيجب أن تكون هناك ملامح مرسومة ومعروفة.
التفكير التصميمي
وعن تساؤل «كيف نعلم الأطفال الابتكار؟» أجاب: يجب تعليمهم مهارة حل المشكلات، والابتكار جزء كبير منه قائم على فهم المشكلات قبل أن نضع لها الحلول، وكيف نحلها عبر عملية مقننة نستطيع من خلالها حل أي مشكلة تواجهنا، وحتى لا نرهق الأطفال بالأعمال الأخرى، نبدأ معهم بعملية حل المشكلات، فهناك ما يسمى «عملية التفكير التصميمي»، وهي عملية تقوم على فهم المشكلات بشكل عميق، والتعاطف مع الناس الذين سيستفيدون من حل وفهم هذه المشكلات، وإعادة صياغتها وخلق الأفكار التي قد تساعد على حل المشكلة، ووضع التصورات الأولية لمثل هذه الحلول.
جميع الأطفال
واستطرد بقوله: لو عرف الأطفال هذه الطريقة، فسوف تحدث نقلة هائلة في حياتهم وفي المجتمع كله، لإدراكهم بمدى القدرة على فهم هذه المشكلات، وعدم وضعهم في بيئة لا تساعدهم على إيجاد الحلول، وكذلك ألا نقوم بتفريق الأطفال بأن يكون منهم الموهوب وغير الموهوب، فجميع الأطفال موهوبون ولديهم قدرات في جوانب مختلفة في عملية الابتكار، والابتكار لجميع الأطفال وليس لفئة نسميها الموهوبين، هذا خطأ كبير نرتكبه بحق الأطفال، لأنه عندما نُعلم جميع الأطفال هذه المهارة، فسوف يستطيعون فيما بعد أن يخلقوا الحلول في كل المجالات التي سوف يعملون بها عندما يتولون لاحقا المناصب، أو حتى في مراتب أقل في عملية المنظومة الاجتماعية والاقتصادية، من المهم جدا تعليم الأطفال، وأن تتاح لهم الفرصة جميعا لاكتساب المهارة؛ كي تعود علينا جميعا بالخير والقدرة على حل التحديات التي تواجهنا بالمجتمع مستقبلا.