قد بدأت الصين بهذا الأمر سابقة الجميع في خطتها الخماسية، وفي تقارير صندوق النقد الدولي فإن أكثر الاستثمارات التي يعول عليها هي استثمارات البنى التحتية، والتي من المتوقع منها أن ترفع الاستثمارات فيها الناتج المحلي العالمي إلى 2 % إذا استثمرت البلدان في مشاريع البنى التحتية وقامت بإجراء تحسينات عالية الجودة.
في الحقيقة مشاريع البنى التحتية هي مشاريع نابضة بالحياة ويجب أن لا تنتهي، ويجب أن تواكب السرعة في التطور والاحتياجات اللوجستية والكثافة السكانية والتنمية، لذا فإن هذه المشاريع بالذات هي مشاريع خاضعة لخطط آنية على الدوام ولا يمكن في عصرنا هذا أن تدرج على خطط قصيرة أو متوسطة المدى حتى، فذلك يجعل اللحاق بركب التنمية والتطوير متخلفا جدا.
ثم إنها اليوم تعتبر أحد أهم مشاريع الدول لاستثمارات آمنة في عصر الأزمات، ومردودها الربحي عالي القيمة. ولفتني الحديث عن تقنية البنية التحتية في مجموعة العشرين. وبالطبع فإننا في مرحلة التقنية ولابد أن نؤسس لمثل هذه الأساسيات التي تساهم كثيرا في عملية التطوير والتنمية ومردودها الاستثماري.
حين ننظر للدول الصناعية اليوم والدول الغنية نرى أن أهم مقومات نجاحها واستمراره هو اهتمامها منذ أجيال سالفة ببنيتها التحتية، البعض منهم وبعد نجاح الحكومات في بناء لوجستياتها، فتحت المجال للقطاع الخاص لتبني هذه المشاريع أو الدخول في شركات معها، وقد كسبت مقومات فريدة ونوعية تضاف إليها وإن كانت بعضها مملوكة للقطاع الخاص.
الوضع الاقتصادي اليوم في المنطقة متفاوت بين سيء وسيء جدا، وبحسب تقارير صندوق النقد الدولي التشاؤمية فإن مواطن الضعف في المالية العامة حتى ما قبل هذا العام يلزمها الكثير من الوقت والجهد وقد ترفل بالعناء المالي والاقتصادي لعقد كامل، بل تعتبر المنطقة ذات أثر اقتصادي غائر (وهو مصطلح يطلق حين تسبب إحدى الأزمات في انخفاض الإنتاجية وضعف الطلب على نحو مستمر، وتعتمد حدة هذا الأثر على الظروف المسبقة للبلد عند وقوع الأزمة، وكيف يواجهها البلد فيما بعد)، بدأ فعليا في بعض القطاعات التي تسببت في سيل من التصفيات المالية ورفع نسبة البطالة والانكماش السوقي.
في وقتنا الراهن، فإن مشاريع البنى التحتية واللوجستيات والمرافق بالذات اللوجستيات التي تعنى بالتقنية ونواقل التكونولوجيا وإصلاحاتها، هي مشاريع ذات قيمة مضافة ويمكن أن يعول عليها لليوم وللغد، فهي من المشاريع التي يمكنها أن تعالج بإطلاقها العديد من القضايا العالقة والتحديات كتشغيل العاطلين وتحريك القطاع الخاص وتحريك القطاعات التي ترتبط بها وإعادة تدوير عجلة الاقتصاد والتنمية.
@hana_maki00