الأسبوع الفائت كان أسبوع تخمة أخبار رياضية، تصدرها خبران رئيسيان، الأول هو وفاة مواطن أرجنتيني اسمه دييجو أرماندو مارادونا، ارتدى رقمين على ظهر قميصه مكونين من خانتين صفر على اليمين وواحد على اليسار، قد يكون الكلام إلى هنا مجرد وصف سهل، ولكني أريد أن أتوقف عند كل مَنْ استطاع أن يفعل ذلك، وبتحدٍ بسيط أن تكتب فوق هذا الرقم كلمة «MARADONA» هنا تقف أي عزيمة للتقليد والتحدي لتجر أذيال اليأس والتحطيم ووأد وتبخر الأحلام قبل أن تبدأ، لا أعرف كيف أصف لاعبا هو واحد من أيقونتين في تاريخ وحاضر، بل وأعتقد مستقبل كرة القدم عبر الزمن برفقة بيليه صاحب كؤوس العالم الثلاث، كيف أصف مارادونا اللاعب الإعجازي الخرافي الاستثنائي الخارق، الذي جعل من حدث رياضي صرفت عليه المكسيك مليارات الدولارات لترفع من اسمها واقتصادها ومكانتها، فينسف كل ذلك وينسبه لنفسه، فما أن يأتي أي حديث عن كأس العالم عام 86 إلا ويكون عنوانه ومضمونه وختامه هو مارادونا، الذي جلب الكأس وحده لبلاده نعم وحده فقط، رغم كل الاختلاف مع سلوكياته وعاداته ومشاكله، التي دمرته إلا أنه كان رمزا وطنيا لبلاده، فجنازته عوملت كما تعامل جنازات رؤساء البلاد، وأُعلن الحداد وتنكيس الأعلام من أجله، الفرق الذي يتذكره كل الناس أنه كان أعجوبة داخل الملعب، وملبيا لنداء بلاده كل ما دعاه المنتخب مهما اختلف مع المسؤولين هناك، فما أن يرتدي قميصه إلا وكان إعلانا لمجد قادم لبلاده، انتقل إلى نابولي الإيطالي ونقل جنون بلاده به إلى تلك المدينة القابعة في الجنوب الإيطالي، فأصبحت جنوب إيطاليا كلها مجنونة به، حتى إن في كأس العالم 90 شجع الإيطاليون من جماهير نابولي مارادونا مع منتخبه ضد إيطاليا، فالجنون أعمى العقول والقلوب، مارادونا لم يقلد أحدا، بل خلق المعجزات بنفسه ليجعلها استحالة على غيره وقدم أفعالا ولم يرفع شعارا فقط أو يقلد أحدا. رحل مارادونا صاحب الرقم عشرة، لاعب واحد عشقه عالم بأسره، فسقط الواحد وبقي الصفر من على ظهره.
أما الحدث الثاني، فهو نهائي كأس الملك بين الهلال والنصر، هنا تخلى الهلال من خلال الفوز به عن الصفر من رصيده الستين ليدخل العقد السابع من الإنجازات ويستبدله بواحد، فأصبح 61 إنجازا مرصعا مذهبا، كيف استطاع هذا النادي العظيم بأجياله المتعاقبة لاعبين، فنيين، إداريين عبر عقود من الزمن استمرار منهجية النجاح كسباق التتابع، بل كالشجعان الذين يحملون رايات الانتصار، كل فارس يسلم الراية لمَنْ يليه بعقلية متوالية التخطيط وجهها المشترك هو صناعة النجاح فقط لماذا؟ لأنهم قدموا العمل فقط لا شعارات جوفاء، ولا تقليد أعمى. ختاما إن ارتديت رقم 10 تأكد أنك لن تصبح مارادونا، وإن استخدمت وقلدت أدوات الهلال فلن تصبح الهلال نفسه، فرقم مارادونا الواحد سقط وبقي الصفر، والهلال تخلص من الصفر واستبدله بواحد، والقصة ليست واحدا وصفرا، بل عمل في الميدان يراه الجميع.
وحتى ألقاكم الأسبوع المقبل أودعكم قائلا: (النيّات الطيبة لا تخسر أبداً) في أمان الله.
@Majid_alsuhaimi