ورغم أن أمر المؤمن كله خير فعسى أن تكرهوا شيئاً فيجعل الله فيه خيراً كثيرا، إلا أننا كثيرا ما نرفض هذه التغييرات المفاجئة ونقاومها حتى نكتشف أثرها الإيجابي علينا فنبدأ بتقبلها والتعايش معها.
والتأثير الإيجابي لهذه التغييرات هو ما سأتحدث عنه في هذه المقالة لما لها من أثر كبير في تطوير حياة الإنسان ورقيها. ولعلنا من المفيد هنا أن نذكر موقفين حدثا للدكتور المصري المرحوم بإذن الله محمد مشالي غيرا أسلوب حياته للأبد، فوصية والده، وموت طفل أمامه بسبب الحاجة تركا أثراً كبيراً عليه، فجعلاه يعالج معدومي الدخل والفقراء دون مقابل يذكر حتى لُقّب باسم «طبيب الغلابة».
وهذه المواقف رغم قساوة بعضها إلا أنها تضفي على حياتنا سعادة وبهجة تغنينا عن سواها من مباهج الحياة.
وفي حياتنا الوظيفية ينشغل كثير منا بالعمل وإجراءاته دون أن يكون لنا أثر واضح في تطوير أنفسنا، رغم أننا في هذه الأعمال نلتقي بزملاء وقادة بعضهم يكون مميزاً في عمله ولافتا للانتباه، ويكون أثر معرفته والاحتكاك به كأثر دورة تدريبية بكفاءة عالية وبشكل مجاني إلا أننا كثيرا ما نتساهل في هذا الأمر ونغض الطرف عن هذه الخبرات المجانية التي ساقها لنا الله في حياتنا الوظيفية.
فكم استفدنا من قادة وزملاء لنا لفتوا انتباهنا بطريقة عملهم وإنجازهم للأعمال بطرق مبتكرة قلما نشاهدها في حياتنا الوظيفية.
وفي أعمالنا نجد قادة ملهمين يهتمون بكل صغيرة وكبيرة لموظفيهم ويتابعون النابغين منهم ويسعون لدعمهم وتطويرهم، ويكون لهم أثر كبير في مسيرتهم الوظيفية
ويكون لهم دور واضح في تطورهم الوظيفي. ولعل كثيرا ممن وصلوا لمناصب قيادية يدينون بالفضل لأشخاص آمنوا بقدراتهم وسهلوا تطورهم وكانوا دافعا لهم للنجاح والتميز.
وكثير منا مر بقادة مميزين كانوا مرشدين ومقومين لهم يساعدونهم في تقديم الدعم الفني والإداري، وتصحيح مساراتهم العملية ليحققوا أهدافهم العملية ويطوروا من مهاراتهم وإمكانياتهم.
ويدعمونهم بالثناء والكلمات المحفزة التي تكون عونا لهم ودافعا رائعا للتطور.
وفي المقابل هناك مسؤولون تأخذهم قاطرة الحياة ويستغرقون في العمل سنين طويلة وليس لهم أثر في وظائفهم، لا صنعوا قادة ولا حفزوا موظفا ولا تركوا وراءهم أثراً في حياتهم الوظيفية، انغمسوا في روتين العمل اليومي مركزين على إنجاز أعمالهم الروتينية دون تأخير، متناسين دورا هاما من أعمالهم وهو الاهتمام بتطوير موظفيهم وتحفيزهم. ليبقى أثرهم ظاهرا بعد رحيلهم من مناصبهم.
dhfeeri@