اتصل بي أحد الآباء المهتمين برياضة ذوي الإعاقة لينقل لي ملاحظته عن بعض تصرفات اللاعبين المشاركين في المنافسات الرياضية من عدم تقبل الخسارة، وخص بالذكر متلازمة داون، وبأن تلك التصرفات تنعكس سلبا على نفسية الوالدين بسبب كثرة البكاء والصراخ والعناد، وبعدها يرفض الابن المشاركات وأسرته تؤيد قراره بحجة أنه «تعقد»، بالفعل قد لا يرغب بعض الأطفال وخصوصا إن كان من ذوي الإعاقة في ممارسة رياضة إذا اعتقدوا أنهم لن يفوزوا، وهذا أمر شائع لذا كلما فهموا أن الخسارة يمكن أن تكون ذات قيمة في معرفة الأخطاء وأن الخسارة ليست نهاية المشاركات كلما قل الخوف منها، ولكن إذا شاركوا في سباق ما معتقدين أن الأمر الإيجابي الوحيد هو الفوز فربما يتراجعون ويرفضون المشاركة خوفا من الهزيمة.
كآباء نريد أن يكون أبناؤنا فائزين بشكل دائم، ولكن يجب مقاومة الرغبة بالتدخل في حل جميع مشاكلهم لحمايتهم من تجربة الخسارة، فإذا كنا نحميهم من النتائج السلبية وهم صغار فلن يكونوا مؤهلين للتعامل مع الخسارة عندما يكبرون، لكن علينا أن نفكر كيف يمكن أن تؤدي أكبر انتكاسة إلى مكاسب، فإن تجربة الخسارة لا مفر منها، ومع هذه المشكلة يجب على الآباء تغيير مفهوم الفوز لدى ابنهم، وبذل قصارى جهدك وأن تلتزم بالخطة التي وضعها المدرب حتى لو خسرت، وكذلك عند الخسارة يجب أن يرى اللاعب بعض الإيجابية وعلى سبيل المثال أن تقول "لقد خسرت، لكنك قمت بمجهود جيد، ولهذا السبب يجب أن تشعر بالرضا حيال نفسك"، ولهذا سيكون من السهل ممارسة اللعب إذا تعلم التفكير في الفوز من حيث الجهد وليس النتيجة. وتقول هيلاري ليفي فريدمان دكتورة علم الاجتماع بجامعة هارفارد ومؤلفة كتاب "اللعب من أجل الفوز" إن "القدرة التنافسية في حد ذاتها ليست سمة سلبية، ولكن تعلم كيفية الفوز أو الخسارة بلطف يتطلب ممارسة، لذا فإن التنافس بين الأشقاء أمر بالغ الأهمية لنمو الطفل، وهذه التفاعلات هي صور مصغرة لكيفية اعتياده على منافسة مماثلة في العالم الخارجي".
وأخيرا... على الأسرة اتخاذ خطوات علاج سلوكي لهذه المشكلة إن وجدت في ابنها ولا يجوز حرمانه من المشاركات الرياضية لأي عذر ما لم يوجد عذر طبي يمنعه من المشاركات التي تتطلب جهدا بدنيا، فالألعاب الرياضية تلعب دورا كبيرا في دمج ذوي الإعاقة بالمجتمع وتعزز فيه تحمل المسؤولية والاعتماد على النفس، فالرياضة تعطي ما لا تعطي غيرها من البرامج الخاصة، والأسر جزء لا يتجزأ من برامج العلاج والإرشاد والتأهيل النفسي، ولا يمكن لأية خطة أن تحقق أهدافها إلا إذا وضعنا في حساباتنا العوامل التي ترتبط بالأسرة وعلاقاتها الاجتماعية واتجاهاتها بوجه عام.
alzebdah1@