نهر من النور يسير من أودية الأزل إلى بحر الأبد، فلتدم الإنسانية وتستمر الحياة وتمتد إلى ما لا نهاية، ولنصنع من أنفسنا والآخرين نسيجا اجتماعيا متكاتفا متلاحما تلفه الرحمة وتعطره الغيمة ويطريه الندى.
شعور حميم بالآخر يربط الإخوة في المجتمع الواحد، والوطن الواحد بالرباط الشمولي الخالي من الشوائب يمتص الألوان والمذاهب والطوائف، ويضمها إلى صدره وتبقى الحياة وطنا، وتظل الأوطان حياة.
حياتنا التزام يحول كل شيء لواقع وحقيقة، والحياة أفكار وخلاصة تجارب من سبقنا وهذه التجارب وفلسفات العلماء خريطة ممشانا بعد كتاب الله سبحانه وسنة نبيه عليه أفضل الصلاة والسلام.
تفكيرنا الناضج وضميرنا الأمين توأم هذا التفكير فإن فقدنا هذا التوأم فقدنا السيطرة على دفة سفينة حياتنا، والإنسان هو معيار كل شيء والدين والقيم والمبادئ البوصلة التي تحدد اتجاهاتنا في الحياة.
الحياة الحق التي لا زوال لها ولا انقضاء، بل هي مستمرة إلى أبد الآبدين، وتستمر الحياة سعيدة عندما نكون إيجابيين في أهدافنا، وعندما نعرف قيمة ذاتنا ونكون صادقين معها ونتقن فن إدارتها ونعزف على أوتارها سيمفونيات عذاب من معاني الحياة الجميلة، فلا حياة بدون معنى ولا معنى بدون حياة ولا وجود من غير وجود لحياتنا.
وحتى لا تكون حياتنا هامشا لا أثر لنا بعد رحيلنا منها لنضع أقدامنا على رملها الندي ونترك أثرا خالدا لا يمحى، نترك أثرا طيبا بصمت لا جعجعة فيه، فرب جعجعة ولا يرى لها طحن. نحيا بعد الموت وحياتنا هي فيما سيتذكره الآخرون عنا من خير.
الإنسان عندما يفشل، يزهد بالحياة الدنيا فما عليه إلا أن يتأمل هذه الحكم «أجمل رسم هندسي يقوم به الإنسان أن يبني جسرين من الأمل فوق بحر من اليأس والإحباط». فحرام أن نظلم الحياة وعندما نقول إن الحياة فقاعة تلمع بألوان الطيف وفجأة تتحول إلى لا شيء هذه الفقاعة من نسج خيالنا الخصب فلا حياة لخيال يتفنن في رسم لوحاته ضد الواقع.
حياة الإنسان التي تستمر سعيدة وتستقيم، شرطها الأساسي رضا الله سبحانه والعمل الصالح {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة} حياة، ولم يقل «معيشة»، فرق كبير بين الحياة والمعيشة.
لنبدع في رسم الحياة بألوان التفاؤل والأمل ومحبة الآخرين ولنبدع فيها ما دامت الفرشاة بيدنا، ولنحيا.
[email protected]