وبين «الشريم» أن الفساد المالي والإداري يعدان سوء استعمال النفوذ العام من قبل من كلفه ولي الأمر لمصلحة العباد، وذلك بإحلاله خدمة تبادل المصالح الخاصة محل خدمة الصالح العام، ففي الفساد المالي إهدار للمال العام الذي اؤتمن عليه، وعدم جعل الأولوية في استعماله أن يصرف في مجالاته التي وكل بها المؤتمن عليها من قبل ولي أمر الناس وسلطانهم، والناس في ذلكم المال ضربان: أحدهما: يأخذه باسم السرقة والاختلاس لا يبالي، بل يرى أنها فرصة سانحة له لا تقبل الترك أو التسويف، والضرب الآخر يتأوله ليخرج به من اسم السرقة والنهب إلى إدراجه تحت اسم الهدية أو الأتعاب أو التسهيلات ونحو ذلكم.
وأشار إلى أن الفساد الإداري يبرز غائلته ظاهرة في عدم جعل الأولوية الإدارية للتسهيل على الناس والتميز والإنجاز، بل يجتال الفاسد فيها إهدار الفرص عن ذوي الكفاءات وتفشي روح الانتهازية وبذل النفوذ ليصبح التعامل مع الفرد بمقدار ما يحمله من علاقة وصلة ومصلحة شخصية، لا بما يحمله من كفاءة وقدرة وأولوية، وكل ذلك منتج للتراجع الإيجابي للمجتمع ومولد للغبن والتردد في العمل والأداء وحاجب للابتكار والإبداع والتطور الذي ينعكس على المصلحة العامة بالسلب والفشل.
وبين «الشريم» أن الانضباط المالي والإداري بالنسبة للمجتمعات كجناحي الطائر، لا يستقيم طيرانه إلا بهما، وإنه متى اختل الجناحان أو أحدهما فحتمية السقوط ما منها بد ولات حين طيران مستقر، مشيرا إلى أن الفساد المالي لا يقوم إلا على راش ومرتش ورائش فإنه قد ورد فيهم اللعن، وما ورد فيه لعن فهو كبيرة من كبائر الذنوب.
وفي المدينة المنورة، تحدث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. عبدالباري الثبيتي عن غفران الذنوب، مشيرا إلى أن الإسلام وجه المسلم إلى الإقرار والاعتراف بالذنب، لكنه حذره من هتك سره وبث زلته وقد سترها الله تعالى.
وأضاف فضيلته إن من فضل الله علينا ستر العيب وحفظ الذكر بين الخلائق، مؤكدا أن الحذر من الذنوب واجب، فكم من ذنب أفسد القلب، وأغضب الرب، وأظلم الدرب، وأنزل في الأرض العقوبة، ومحق البركة، ولوث الفطرة، وشتت الأسرة. واختتم فضيلته الخطبة بالإشارة إلى أن من حلم الله إمهال المذنب حتى يتوب وإن عاد وتاب تاب الله عليه ولا يمل الله حتى تملوا.