جهود شفايتزر أوصلته للحصول على جائزة نوبل للسلام لعام 1952م، وتُعتبر محاضرة نوبل بعنوان «مشكلة السلام» أحد أفضل الخطب، التي تم إلقاؤها على الإطلاق، ولكن هل أسهم ذلك في جعل الوعي أكثر إيمانا بمتطلبات السلام وحاجة البشرية له؟ في ذلك العام كانت هناك الأمم المتحدة المتحولة عن عصبة الأمم، ومع ذلك فما شهده العالم من حروب بالوكالة وحرب باردة كانت نتائجها أسوأ من الحربين العالميتين.
إذن مَنْ يصنع السلام؟ ومَنْ يأتي به؟ إنه نفسه الإنسان، الذي يجعل العالم خطيرا، بحسب رؤية شفايتزر، وحكم الطبيعة يختلف ولا شك عن حكم البشر، ففي الطبيعة لا عقوبات وإنما عواقب، وذلك هو قانون الطبيعة، فإذا تحرشت بأسد أو حيوان ضارٍ، فالعواقب ستكون وخيمة ولا يمكن معاقبة الأسد أو غيره لأنه لا توجد قوانين عقوبات إنجليزية أو فرنسية، وعلى سبيل الطرفة يُحكى أن عنترة بن شداد فر من ثور هائج، فعاتبه مَنْ شاهد الفرار، وسألوه: أتفرّ من الثور وأنت عنترة؟ فرد سائلا: وهل يعرف الثور أنني عنترة؟
ذلك يعني أن قانون الإنسان من الصعب أن يأتي بسلام، وكل الفائزين بنوبل للسلام قدموا ما يكفي ليكون العالم أكثر سلاما، ولكنه لم يكن كذلك، ليظل العالم على ما هو عليه خطيرا ويحتاج الكثير من العمل السلمي، وكما قال أتاتورك «سلام في الوطن، سلام في كل الدنيا» وغاية ذلك أن تتم تسوية أي جيوب ذات نزعات لا تتوافق مع الشأن الوطني العام، لأن وجود أي خارجين على سلام الجماعات الوطنية يعني تشويشا على الحكم وإنتاجا لمتاعب تجعل سلام الأوطان صعبا.
أي سلام يبدأ من الإنسان باحترام مؤسسات الحكم ونظمه وقوانينه وأعرافه، وأن يكون الفرد جزءا من السلام وليس المشكلة، لأنه دائما هناك عقوبات هي عواقب لأي خروج على سياق الحكم وتوافق الجماعة الوطنية، والعقوبات ترتبط بالوعي والإدراك العقلي، فيما الحيوانات لا تملك ذلك، وعليه نتج قانون الطبيعة، حيث هناك عواقب بلا عقوبات، ولكي تهنأ الفنانة حنان ترك بالطبيعة وجمالها ونحن معها فنحتاج إلى استمرار جهود أمثال شفايتزر لتقل خطورة العالم، ويصبح أجمل في حقيقته وواقعه، وذلك حين يلتزم الأفراد بالقوانين ويجعلون سلام الأوطان سلاما لكل الدنيا.
@sukinameshekhis