وسعت باريس، الغاضبة من سياسة أنقرة الخارجية في سوريا وليبيا، إلى دفع بروكسل للنظر في فرض عقوبات على قطاعات من الاقتصاد التركي، لكنها لم تحظَ بدعم واسع.
أعداء أمريكا
وبموجب قانون مواجهة أعداء أمريكا من خلال العقوبات لعام 2017 يتعيّن على الرئيس الأمريكي اختيار ما لا يقل عن خمس من 12 عقوبة لفرضها على البلدان المنتهكة للقانون، وتتنوّع العقوبات بين المتوسطة والشديدة، وقد تستهدف أشخاصًا أو كيانات.
ولطالما طالب الكونجرس ترامب، بفرض عقوبات على أنقرة بعد أن تسلّمت نظام الدفاع الجوي الروسي S-400 بقيمة 2.5 مليار دولار في يوليو 2019، وعدم الاكتفاء بطرد تركيا من برنامج الطائرات F-35.
وقال مصدران مطلعان على المناقشات: إن العقوبات التي فكّرت إدارة ترامب في فرضها في الأشهر الأخيرة، ستنتهي على الأرجح بحزمة خفيفة من العقوبات، تشمل عقوبات ضد الرئاسة التركية للصناعات الدفاعية، لكنها لن تشمل رجب طيب أردوغان أو عائلته، كما لن تكون قاسية على البنوك التركية، وهو الأمر الذي قال الخبراء «إنه قد يدمّر اقتصاد البلاد الضعيف بالفعل، وربما يرسل هزات مالية إلى أوروبا».
وقالت خمسة مصادر بينها ثلاثة مسؤولين أمريكيين لـ«رويترز»: إن الخطوة المتوقعة منذ فترة، والمرجح أن تثير غضب أنقرة وتعقد بشدة علاقاتها مع الإدارة الأمريكية المقبلة بقيادة الرئيس المنتخب جو بايدن، قد تعلن وفي وقت قريب ربما خلال ساعات.
وذكرت المصادر أن العقوبات ستستهدف إدارة الصناعات الدفاعية التركية ورئيسها إسماعيل دمير، وستكون شديدة التأثير، لكن أضيق نطاقًا مما توقعه بعض المحللين.
الضوء الأخضر
وقال مصدران مطلعان على الأمر، وبينهما مسؤول أمريكي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: إن الرئيس دونالد ترامب أعطى معاونيه الضوء الأخضر للمضي قدمًا في العقوبات.
وتراجعت الليرة التركية 1.4% في أعقاب الأنباء بأن العقوبات الأمريكية قد تضر بالاقتصاد التركي الذي يئن تحت وطأة تباطؤ ناجم عن فيروس كورونا وتضخّم في خانة العشرات واستنزاف احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي.
وقال مسؤول تركي كبير: إن العقوبات ستأتي بنتائج عكسية وستلحق ضررًا.
لكن الولايات المتحدة تشدد على أن منظومة الصواريخ هذه تشكّل تهديدًا بالفعل، وأعلنت العام الماضي اعتزامها استبعاد تركيا من برنامج الطائرات المقاتلة إف-35 بسبب قرار أنقرة.
وتعتبر مقاتلات إف-35 الشبح التي تصنعها شركة لوكهيد مارتن أكثر الطائرات تطورًا في ترسانة الولايات المتحدة ويستخدمها أعضاء حلف الأطلسي وحلفاء آخرون للولايات المتحدة. ولا يزال بإمكان وزارة الخارجية الأمريكية تغيير الخطط وتوسيع نطاق العقوبات المقررة ضد تركيا أو تضييقه.
لكن مصادر قالت: إن إعلان العقوبات بشكلها الحالي وشيك.
اتفاق أوروبي
واتفق زعماء الاتحاد الأوروبي، الخميس، على إعداد عقوبات محدودة على أفراد من تركيا جراء نزاع مع اليونان وقبرص على التنقيب عن الطاقة، وتأجيل أي خطوات أكثر صرامة حتى آذار، وذلك في ظل اختلاف الدول على كيفية التعامل مع أنقرة.
وأحجم قادة الاتحاد الأوروبي عن تنفيذ التهديد الذي صدر في أكتوبر بالنظر في اتخاذ تدابير اقتصادية أوسع، ووافقوا بدلًا من ذلك على بيان قمة يمهّد الطريق لمعاقبة الأفراد المتهمين بالتخطيط أو المشاركة فيما يقول التكتل إنه تنقيب غير مصرح به قبالة قبرص.
ولم تذهب هذه الخطوات إلى الحد الذي كانت تريده اليونان، حيث قال مبعوثوها: إن أثينا شعرت بخيبة أمل من تردد الاتحاد الأوروبي في استهداف الاقتصاد التركي بسبب نزاع النفط والغاز، إذ دفعت ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا باتجاه منح الدبلوماسية مزيدًا من الوقت.
وتقول تركيا: إنها تعمل في المياه الواقعة على جرفها القاري أو المناطق التي يتمتع فيها القبارصة الأتراك بحقوق، وقال رئيسها رجب طيب أردوغان، يوم الأربعاء: إنه غير قلق من أي عقوبات قد يفرضها التكتل.
اللائحة السوداء
وستُدرج الأسماء على اللائحة السوداء التي كانت قد وُضِعت في نوفمبر 2019 لفرض عقوبات على تركيا على خلفيّة أنشطة التنقيب التي تُجريها في مياه قبرص، وهي تضمّ مسؤولين اثنين في شركة البترول التركيّة «تُركِش بيتروليوم كوربوريشن» ممنوعين من الحصول على تأشيرات وجمّدت أصولهما في الاتّحاد الأوروبّي.
كذلك، أعطى القادة الأوروبيون تفويضًا لوزير خارجيّة الاتّحاد جوزيب بوريل، لكي يُقدّم لهم تقريرًا في موعد أقصاه مارس 2021 حول تطوّر الوضع، وأن يقترح، إذا لزم الأمر، توسيعًا للعقوبات لتشمل أسماء شخصيّات أو شركات جديدة، حسب ما قال الدبلوماسي الأوروبّي، وأضاف: الفكرة هي تضييق الخناق تدريجيًا.
من جانبها، قالت الخارجية التركية، أمس الجمعة: إن أنقرة ترفض أسلوب الاتحاد الأوروبي المتحيز وغير القانوني خلال قمته هذا الأسبوع وتدعو التكتل للعمل كوسيط منصف في النزاع الراهن في منطقة شرق البحر المتوسط.
وقالت الوزارة في بيان: إن أنقرة مستعدة لإجراء محادثات مع اليونان دون أي شروط مسبقة، داعية الاتحاد الأوروبي للتحرك على نحو إستراتيجي وعقلاني ويستند إلى المبادئ، حسب تعبيرها.