في ثقافتنا المحلية، بل والعربية، يسود النوع التفخيمي، فيرون أن تلقيب أحد ما بأنه مفكر أو فيلسوف يعد انتهاكاً للعرف والمألوف. لكن عندما يتعلق الأمر بألقاب مثل: شاعر، قاص، روائي، مسرحي فإنهم يفهمونها بالمعنى المهني.
الأندية الرياضية العالمية على سبيل المثال، تجاوزت المسميات والألقاب والبهرجات الإعلامية، ونحن نتسابق على الألقاب فنقوم بتجميل اسم النادي بأكبر عدد من الألقاب، «الفظيعة» ونطلق الأسماء «الرهيبة» على لاعب مغمور، فتجد الإعلامي العالمي يخاطب بالعقل والمنطق، وبعض إعلامنا يخاطب بالجهل والتعصب وإثارة الفتنة!!.
ما يثير التساؤل هو كيف أخذت الرياضة في أنديتنا الرياضية منحى آخر فغاب فيها وعي المثقف عن المشهد الرياضي الحقيقي ليُصب في جدال نحن في غنى عنه، ولا يمثل مبدأ الرياضة والتنافس الشريف إطلاقا، ويصحب ذلك عادة ضجة إعلامية لا تسمن ولا تغني من عقل، ولو عرف الجاهل أسباب جهله لصار حكيما!!.
باتت استحضارات هذه التساؤلات في ذهني شبه يومية، الألقاب الرياضية التي دأب الإعلام على إطلاقها عبر وسائل الإعلام المقروءة والمرئية إلى أين تسير بِنَا؟!!.
وكم من لقب يلقب به الفريق أو اللاعب جعل صاحبه في مواقف لا يحسد عليها!.
وتبدو هذه الألقاب في أغلبها مثيرة للسخرية والشفقة أحيانا على حامليها ولكنها أضحت صفة ممتهنة إلى حد كبير تطلق على أي نادٍ وكل قدم تهب وتدب في المستطيل الأخضر!!.
تكمن رمزية هذه الألقاب فيما يحمل من دلالات تكشف عن سلوكيات سطحية ومدى الإفلاس الثقافي لدى البعض.
ومعظم الأندية وكثير من اللاعبين يجدون مَنْ يصفق لهم ويمجدهم بهذه الألقاب، وبالتالي يصدق الملقب خدعة ووهم هذه الألقاب في وقت محدود وسرعان ما يتلاشى معه لأنه ليس سوى بهرجات إعلامية وتباهٍ دون وجه حق.
ولعل مثل هذه الألقاب «الفظيعة» تمنحنا فرصة لإدراك أخطاء عديدة مستشرية في جسد الثقافة من دون أن نشعر!!.
وعلى كل حال، توجد ألقاب مهنية مثل ميكانيكي ومزارع وطبيب وكاتب وممثل. وبعضها قد تكون رسمية عن طريق المعاهد والجامعات أو غير رسمية عن طريق الخبرة والممارسة. فالطبيب قد يتخرج في كلية الطب أو قد يكون طبيبا بالممارسة كما في الطب الشعبي مثلا.
أرى شخصيا أن كل إنسان حر في أن يلقب من يشاء بما يشاء إذا كانت ألقابا تفخيمية. أما في الألقاب العلمية والمهنية فالأمر منوط بالشهادة العلمية أو الخبرة والممارسة، وأيضاً لكيلا نقع في شبهة الخداع والتدليس. فمن يقدم نفسه على أنه ميكانيكي وهو ليس كذلك فقد وقع في التدليس والغش. الألقاب العلمية والمهنية مرتبطة بحياة المجتمع وبسوق العمل وبالعلاقات العامة.