ذهبت لطبيب في تلك المنطقة في مستوصف، وشرحت له الوضع وبان عليه عدم فهمه لسبب العلة وطببني بـ(ربما!) وأعطاني مرهما قال أخلطه بـ (فازلين) وسيزول الألم! قلت: (ربما!) واستخدمت خلطة (ربما) هذه أسبوعا أو أكثر ولم يتغير بالألم شيء! قلت لعله سوء تغذية فأكثرت من العصائر المحتوية على الفيتامينات ولكن دون جدوى.
كنت في تلك الفترة أقول لبعض من يستغرب استثقالي لحمل أشياء خفيفة كإبريق الشاي مثلا، أن يدي تؤلمني، ولم يكن هناك أي اكتراث من السامع لما أقول!
مع الأيام خف الألم تدريجيا حتى زال ولكن حدث شيء غريب، وهو أنه ما إن زال الألم حتى بدأ الجلد الذي في كفي يتشقق، بدأ التشقق خفيفا، ثم ازداد حتى وصل لرؤوس الأصابع! ولكن بالنسبة لي لم يكن مهما حيث إنه لم يكن هناك ألم. الغريب أنه لم يبق شخص كبير أو صغير إلا وسألني:
وش فيها يديك؟؟
سبحان الله! عندما كانت تؤلمني بشدة وحدة لم يعرني أحد اهتماما برغم تصريحي بالألم، والآن لا تؤلمني فقط تشقق وتقشر، ولم يبق أحد حتى الأطفال يسألون عن يدي وتشققها؟
عندها أدركت بعمق أن الألم لا يرى بالعين المجردة، وأنه - ككثير من الأشياء غير المادية المرئية - يطاله الإهمال، فالناس تهمل أرواحها ومشاعرها في سبيل أبدانها! هذا في الغالب إلا إن كان الإنسان متيقنا من أصل خلقه، وأنه روح تسكن جسدا مؤقتا في الدنيا، وستعود للدار الآخرة من حيث أتت أصلا بجسد جديد، فالجسد مصيره كله الفناء، كحال أغلب الماديات إن لم يكن كلها مصيرها الفناء، أما الروح فلم تخلق لتفنى {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون؟ فتعالى الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم}. الألم لا يرى بالعين المجردة، ولكن يرى بالقلب المجرد!
@7amedma