DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

جهود سعودية مشهودة للحفاظ على لغة الضاد محليا وعالميا

الاحتفال فرصة لإبراز المبادرات والقرارات التي سبقت بها المملكة الجميع

جهود سعودية مشهودة للحفاظ على لغة الضاد محليا وعالميا
أكدت مجموعة من المختصين في اللغة العربية أن الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية فرصة لتعزيز الهوية ونشر الثقافة العربية، وأشادوا بجهود المملكة في الاهتمام والاعتزاز بالعربية، وبكل ما تقدمه في سبيل الحفاظ عليها، والمتمثل في المبادرات والقرارات التي يشهدها العالم أجمع.
مهد اللغة
وأكد الباحث المستقل والمهتم باللغة العربية نواف بن سَليم البِيضاني، أن اليوم العالمي للغة العربية يُعد فرصة ثمينة لدعم العربية ونشر ثقافتها، فهذا اليوم معتَمَد من الأمم المتحدة، ويحظى بدعم رسمي عربي وعالمي، ولكنه - للأسف - لا يُستغل بشكل جيد، فنحن يمكن أن نخلق منه فرصة سنوية لنشر الوعي حيال العربية وشعوبها، ويمكن أن يُستغل لتسويق المنتجات العربية والسعودية، خاصة أن المملكة فيها مهد هذه اللغة العظيمة، وأعظم استغلال لها هو أن ننشر كل ما يُحبِّب الآخر في لغتنا، ويمكن أن يكون مناسبة لعروض مُخفَّضة من قِبَل المعاهد والمؤسسات التي تُدرِّس العربية لغير الناطقين بها.
وحول جهود المملكة في الحفاظ على اللغة العربية والاعتزاز بها، قال: جهود المملكة حقيقة تُذكر فتُشكر، فالعربية لغة البلد الرسمية حسب الدستور، والعربية لغة التعليم الأساسي، ولغة الإعلام، وللمملكة جهود قديمة ومستمرة في الحفاظ على لغة القرآن، ابتداءً من المناهج الدراسية، ومرورًا بدعم طباعة الكتب ذات العلاقة بتحقيق التراث العربي اللغوي، ومن جهود المملكة في هذا الشأن مبادرة الملك عبدالله للمحتوى العربي على شبكة الإنترنت، وهي مشروع ضخم لخدمة العربية، ولا ننسى جامعاتنا التي تقدم برامج مجانية ومنحًا دراسية لتعليم العربية، وجدير بالذكر أن أنجع وأشهر منهج لتعليم العربية ألَّفه العلَّامة د. فانيامبادي عبدالرحيم في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وطلابها الأجانب من أفضل من يتحدث العربية بطلاقة وبيان كبير، وفوق هذا هناك مراكز ومؤسسات لخدمة العربية تقدم جوائز عديدة وقيِّمة وعالمية للترجمة من وإلى العربية، كجائزة الملك عبدالعزيز للترجمة، وجائزة مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية، وجائزة الملك فيصل العالمية في اللغة العربية والأدب، أضف إلى ذلك الدعم المالي السخي لجامعات وكليات ومعاهد تدرِّس العربية في أركان المعمورة، وتُوِّجَت هذه الجهود هذا العام بتأسيس مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، الذي سيكون علامة فارقة في خدمة اللغة، وفوق كل هذا فاللغة العربية إحدى ركائز الرؤية الوطنية 2030، مما يعطي تأكيدًا أكبر على الاهتمام باللغة العربية لتعزيز الهُويّة العربية والإسلامية.
حماية الفصحي
وتابع: وما نحتاجه مع هذه الجهود الجبارة أن يُسَن قانون لحماية الفصحى في كل شؤون الحياة العامة، من إعلامٍ ودعاية وإعلان وما إلى ذلك، وأن يُفعَّل هذا القانون فورًا؛ لأن اللغة هُويّة للبلد، وحمايتها جزء من السيادة والاعتداد بأمتنا العربية، كذلك نتمنى أن يؤسَس مركز لتنسيق التعريب في هذه البلاد وأن يحظى بالدعم اللازم.
وحول دور مجامع اللغة، أضاف: هي مؤسسات مهمة في حماية الهُويّة اللغوية، والمجامع على كثرتها في بلادنا العربية لا تزال دون الدور المأمول منها، ولا تزال تعيش في أبراج النخبوية المنفصلة تمامًا عن الواقع اللغوي المَعيش، فتفتقر إلى التفاعل مع الجمهور، حتى مع وجود منصات التواصل الاجتماعي التي كسرت كل الحواجز، ويجب على هذه المجامع أن تُفعِّل دورها المهم، وتُشرك الشباب في العمل على حماية اللغة وإثراء محتواها في النشر، كما تحتاج إلى روح جديدة ورؤية عصرية وخطط بعيدة المدى؛ لإحداث نقلة نوعية في صناعة المُعجم العربي، وفي تعريب المصطلح، ودعم جهود تعليم العربية، ولعل مَجمع الملك سلمان يحمل الراية، ويكون مشعل التنوير اللغوي مع الرؤية الجديدة والطموحة للمملكة، كما نتطلع إلى مجامع عربية نشطة ومدعومة ماليًّا وسياسيًّا، وإلى قانون عربي لحماية الفصحى، ونأمل أن يكون للجهات الإعلامية دور فاعل في دعم الفصحى، في ظل موجة مقلقة ومخيفة من استخدام العامية، مما يهدد وحدة الشعوب العربية التي تجتمع كلها على أن الفصحى هي هُويّتنا اللغوية من الخليج إلى المحيط.
روح الاهتمام
وأوضح أستاذ البلاغة والنقد بكلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، د. عمر عبدالعزيز المحمود، أن الاحتفال باللغة العربية يعني الإسهام في بث روح الاهتمام بهذه اللغة، وفهم مدى عراقتها في نفوس أبناء الشعوب العربية والعالمية، والعمل على توفير جميع الأدوات والمساعدات والخدمات المتنوعة لتمكينها ونشرها باعتبارها اللغة الأم، والتأكيد على أن اعتزاز كل فرد بلغته الأم هو مصدر فخر وعزة، وتوجيه المؤسسات المعنية بخدمة علوم اللغة العربية بالإسهام بشكل جاد في إحياء اللغة وخدمتها، وتوفير المعاجم، وتوضيح طرق استخدام المعجم العربي، وغيرها من الخدمات الأخرى، واستغلال هذا اليوم لإطلاق أهم الأفكار التي يُمكن من خلالها خدمة لغة القرآن، وإبراز أهميتها ليس في الوطن العربي فحسب؛ ولكن على مستوى العالم كله.
وأكد أن المملكة حرصت منذ توحيدها على الاعتناء بالعربية عالميًّا ومحليًّا، فعلى الصَّعيد العالمي كان للجهود التي بذلتها أثرٌ فاعل ورئيس ضمن الجهود التي بُذلت لإدخال العربية ضمن لغات العمل الرسمية المعتَمَدة في الجمعية العامة للأمم المتحدة وأعمالها كافة، ونشر اللسان العربي تعلُّمًا وتعليمًا للناطقين بها ممَّن أرادوا التَّوسُّع في علومها ومعارفها، وكذلك غير النَّاطقين بها من أبناء اللغات الأخرى، وذلك من خلال الخدمات التي تقدمها الجامعات السعودية والمؤسسات الحكومية والأهلية.
أمَّا على الصعيد المحلِّي، فتُعدُّ العربية اللغة الرسمية للدولة، وعنوان هُويتها القومية والدينية، وهي لغة التعليم حسبما نصَّت على ذلك سياسة التعليم في المملكة، ومن ثَمَّ كان حرص المملكة على دعمها في المجالات كافةً ترجمةً منطقيةً لهذا الانتماء الديني واللغوي، لذلك أُنشئت كليات وأقسام للغة العربية ومعاهد لتعليمها، وكراسي بحث للنهوض بها، ودعّمت المؤسسات والمعاهد التي تُعنى باللغة العربية، وسنّت القوانين التي تكفل حمايتها.
ثوابت الهوية
وأضاف: كما تبذل وزارة التعليم جهدًا كبيرًا في الاهتمام بالعربية، وجعلها من المواد الأساسية منذ المراحل المبكرة في التدريس، ومن مظاهر ذلك توجهها لتطوير المناهج بما يسهم في ترسيخ حُب اللغة في نفوس الأطفال، وتقريبها للواقع، وبما يجعل استخدامها سهلًا في الحياة اليومية، كما سَعَت إلى تكثيف البرامج والتدريبات التطبيقية، واستثمار التقنيات الحديثة في تقديمها بصورة واضحة وسهلة، ومع هذه الجهود فإن المنتظَر أن تبذل الوزارة جهدًا أكبر في هذا المجال، أما الخط العربي فقد ضعُف الاهتمام به في الآونة الأخيرة، ولعل انتشار وسائل التواصل وتطور التقنية والتوجه إلى استخدام الكتابة الإلكترونية أدى إلى ذلك، والمأمول من الوزارة أن تُعيد النظر في إعادة الهيبة للخط العربي، وتزيد من اهتمامها به من خلال مقررات تليق به.
وحول دخول اللغة العربية في جميع المجالات، أوضح المحمود أن هذا يمنحها أهميةً وقوةً أكبر، وانتشارًا أوسعَ بين أفراد المجتمع، ويزيل عنها تلك الرهبة والصعوبات التي توهَّمها البعض، فاللغة العربية قادرةٌ على تلبية احتياجات المجتمع، وتحقيق أهدافه في التواصل، وهي أول ثابت من ثوابت الهوية المجتمعية، فهي العنصر المركزي الذي يجعل من جماعة معينة تمتلك خصائص ومميزات تختلف عن باقي الجماعات، ويمكن القول إن العلاقة بين اللغة والهوية هي إحدى أهم ركائز المجتمع، وتتجلى بشكل واضح في الوظائف التي تقوم بها اللغة في إطار التعبير عن الهوية، والمتمثلة في كونها وعاءً للفكر وأداةً للتفكير، ووسيلةً للتفاهم والتواصل الاجتماعي، وعنوانًا لهوية الفرد والمجتمع.
مادة دستورية
وقال المشرف المؤسس لحساب اليوم العالمي للغة العربية الرسمي، د. هود العمراني: اهتمام المملكة وإيمانها باللغة العربية يأتي من خلال المادة الأولى من الدستور، كونها اللغة الرسمية في الدولة، كما يتجدد التأكيد من خلال رؤية ٢٠٣٠ التي صادقت على سيادة اللغة العربية في البلاد، ويكفينا في ذلك الكلمات الرنَّانة التي سمعناها كثيرًا من رأس هرم القيادة الرشيدة، متمثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله تعالى- حول موضوع اللغة والاعتزاز بها والحفاظ عليها، حيث قال: قامت المملكة على أساس متين يتمثل في عقيدة الإسلام، الذي نزل كتابه بلسان عربي مبين، لقد كرَّم الله العرب بأن أنزل القرآن الكريم بلغتهم، فشرَّف هذه اللغة تشريفًا ما بعده تشريف، وزادها قوة وحضورًا. لذلك أَوْلت المملكة اهتمامًا خاصًا بتعليم العربية داخليًّا وخارجيًّا، وكذلك الدعم اللامحدود للبرامج الموجهة من الجهات الربحية وغير الربحية، ورصد مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز لخدمة اللغة العربية هذه الجهود في كتابه «جهود المملكة العربية السعودية في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها».
حضور تقني
وأضاف: في السنوات القليلة الماضية ظهرت على السطح جهود متتالية لتعزيز حضور اللغة العربية تقنيًّا، عبر برامج الإثراء المعرفي في الصفحات العلمية والمدونات الشخصية، وتنشيط حركات الترجمة المُوجَّهة، وإنتاج الوثائقيات العربية، ونجد هذا الحراك بارزًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ومن المعلوم أن الشباب السعودي يُعدُّ من أكثر الشباب العربي تفاعلًا وإنتاجًا، ولو أخذنا مناسبة اليوم العالمي للغة العربية عبر موقع «تويتر» كمثال حي، فإننا سنجد أن هناك أكثر من ١٢٥ ألف تغريدة تم التغريد بها من المملكة بتاريخ ١٨ ديسمبر ٢٠١٩، فقد تصدَّر هذا الوسم طيلة ذلك اليوم، وبحكم وجودي في مقدمة الاستهداف من الجهات والأفراد، فإنني أسجل إعجابي بالطاقة الشبابية التي تُفكر في المناسبة من فترة طويلة، ويتجلى ذلك في الإبداع حول الاحتفاء بهذه اللغة محليًّا وعالميًّا، فقد رصدنا في العام الفائت تغريدات من أكثر من 44 دولة حول العالم، ومشاهدات فاقت 350 مليون مشاهدة، ومبادرات عالمية وخليجية ومحلية، وهناك اتفاق عام يتبيَّن للمشاهِد منه أن اللغة العربية - بما تمثل من هوية وتاريخ ممتد - فهي تُشكِّل جزءًا لا يرغب أهلُه في التفريط فيه، وهذه الأرقام تتزايد كل عام، ويتفنن الشباب في طريقة احتفائهم بالمناسبة، بين الاحتفالات الواقعية كالندوات ودورات الخط والإملاء العربي، والاحتفال التقني عبر إثراء المحتوى والتطوع في الترجمة والتسجيل الصوتي والمرئي.