«قبضة» أزمة
ومضى الكاتب يقول: أصبح لبنان في قبضة أزمة عميقة، من المحتمل أن تكون شديدة مثل الحرب الأهلية التي استمرت 15 عامًا وانتهت عام 1990.
وأردف: حتى قبل انفجار ميناء بيروت الكارثي في أغسطس الماضي، والذي أسفر عن أكثر من 200 قتيل، ووجود أكثر من 300 ألف بلا مأوى، كان لبنان على حافة الهاوية في الأشهر العشرة الماضية، فقدت الليرة اللبنانية نحو 80٪ من قيمتها.
ومضى يقول: وفقًا للتوقعات الحالية، من المتوقع أن تتجاوز نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في لبنان 160٪ هذا العام، مما يجعله من بين أكثر الدول مديونية في العالم، منوهًا بأن نحو ربع السكان في سن العمل عاطلون عن العمل، فيما يعيش ما يقرب من ثلث إجمالي السكان تحت خط الفقر.
وأضاف الكاتب: ألقت المظاهرات - واسعة النطاق التي اندلعت - بظلال من الشك حول ما إذا كانت حزمة الإنقاذ التي طرحها صندوق النقد الدولي بقيمة 10 مليارات دولار، ستكون كافية لإخراج البلاد من هذا التدهور الاقتصادي المنهك.
وتابع: فيما تهدد حالة عدم الاستقرار هذه بفضح الطائفية التي لطالما كانت سمة من سمات السياسة اللبنانية المتصدعة، مما يخلق فراغًا في السلطة في منطقة شديدة التقلب.
وبحسب الكاتب، من السهل جدًّا نسيان المدى الذي شكّلت فيه الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط تاريخ لبنان، ومضى يقول: طالما كافح هذا البلد لتخفيف تداعيات التأثير الخبيث لجيرانه، لا سيما سوريا وإيران اللتين تدعمان جماعة «حزب الله» منذ فترة طويلة.
أدوار إرهابية
وأردف الاستير ماسير قائلاً: كان لـ «حزب الله» دور فعال في إطالة أمد الحرب الأهلية في سوريا، التي ستدخل قريبًا عامها العاشر، حيث قدم الدعم العسكري الأساسي لنظام بشار الأسد، وبذلك فقد انتهك سمة أساسية من سمات التوازن الجيوستراتيجي للبنان، وهي سياسة الانفصال عن الصراعات الإقليمية.
وأضاف: يواصل «حزب الله» دعمه غير المبرَّر للإرهاب في العراق والأراضي الفلسطينية على قدم وساق، في حين أنه حشد ترسانة من الأسلحة في لبنان، في انتهاك مباشر لقراري مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 1701 و1559.
ولفت إلى أنه بينما سعى الاتحاد الأوروبي ومجموعة من الدول ذات مرة إلى مراقبة التمييز الاسمي بين الجناحين السياسي والعسكري للتنظيم، فإن المملكة المتحدة خلصت إلى أن الحزب بأكمله متورط في الإرهاب، وأضافته في مارس 2019 إلى قائمتها التي تضم 76 منظمة محظورة بموجب قانون الإرهاب لعام 2000.
ومضى الكاتب يقول: يمثل الشلل الحالي في لبنان فرصة سانحة لـ «حزب الله»، الذي يوصف بأنه دولة داخل دولة، حيث يمتد نفوذه في جميع أجزاء المشهد السياسي والاقتصادي والاستراتيجي في لبنان، بما يعود بالضرر على ذلك البلد.
وتابع: بعد وقت قصير من انفجار ميناء بيروت، أصدرت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التابعة للأمم المتحدة، حكمها الذي طال انتظاره بإدانة سليم عياش، أحد المشتبه بهم الأربعة في «حزب الله» في ارتكاب جريمة قتل رئيس الوزراء رفيق الحريري عام 2005.
ومضى يقول: رغم أن المحكمة لم تجد دليلًا قاطعًا على موافقة قيادة «حزب الله» على الاغتيال، فإن رفضها السماح باعتقال المشتبه بهم أثار الدهشة.
وتابع الكاتب ماسير: كان بهاء الحريري، الابن الأكبر لرفيق الحريري، بين عدة شخصيات بارزة في لبنان قد أكدت الحاجة إلى كبح نفوذ «حزب الله» المتزايد، لدرجة أنه أكد أنه ما لم يحدث ذلك فإن لبنان يخاطر بوضعه تحت وطأة عقوبات معرقلة، والتي يمكن أن تكون الضربة القاضية لاقتصاد البلاد المتعثر.
ولفت إلى أن بهاء الحريري بذل ما في وسعه لتسليط الضوء على أن وجود «حزب الله» داخل الحكومة يمنع لبنان من تلقي الدعم الدولي الذي تشتد الحاجة إليه، من خلال برامج المساعدات والمساعدات المالية، والذي من شأنه أن يساعد في استقرار الاقتصاد وتنشيطه.
وأضاف: بدلًا من ذلك، يبدو أن جماعة «حزب الله» مستعدة لإحداث خلل في ميزان القوى الحساس في لبنان، مستخدمة وضعها باعتبارها الميليشيا المسلحة الوحيدة في البلاد، وحالة انقسام خصومها لتعزيز مصالحها.
وأردف يقول: ليس من الواضح على الإطلاق ما إذا كانت الحكومة الحالية قادرة على توحيد الجهود اللازمة للتصدي للعديد من التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجهها الآن.
وأضاف: تهدد حالة عدم الاستقرار المتزايدة بتحويل لبنان مرة أخرى إلى بوتقة للصراع، حيث إن تآكل القيود المفروضة على قوة «حزب الله» داخل لبنان يمهد لتقوية نفوذ إيران في المنطقة، وزيادة احتمالية نشوب صراع مستقبلي بين لبنان وإسرائيل، وأشار إلى أن جائحة فيروس كورونا طغت على أهمية المعضلة اللبنانية.
وتابع: تركز اهتمام صانعي السياسات بشكل متزايد على الاهتمامات المحلية وليس الدولية، ولكن خطورة الوضع والآثار المترتبة على أزمة سياسية جديدة في قلب الشرق الأوسط أكبر من أن يتم التغاضي عنها، لافتًا إلى أن الازدواجية الغربية في مواجهة أزمة بحجم تلك التي يواجهها لبنان خطأ فادح.