العلاقات التي تجمع المملكة العربية السعودية وبقية جيرانها من دول مجلس التعاون الخليجي منذ عقود، هي علاقات تقوم على الأسس والثوابت التي ترتكز عليها سياسات الدولة من الاتزان في الموقف، وتغليب المصلحة الشاملة الرامية لتحقيق الأمن والاستقرار، وحفظ كرامة النفس البشرية وتحقيق السلام إقليميا ودوليا، بالإضافة لما يميز طبيعة هذه العلاقة عن بقية مثيلاتها، وهو وحدة المصير، هذا المفهوم الذي يعتبر المنصة التي تنطلق منها مواقف المملكة التاريخية مع كل دولة من دول مجلس التعاون الخليجي، في الوقوف إلى جانبها، في أوقات الرخاء، من تحالفات وشراكات إستراتيجية، تنعكس على طبيعة مختلف آفاق الاتفاقيات التعليمية والتجارية والصناعية والصحية والأمنية، وكذلك ما ينبثق من ذات المشهد حين يتعلق الأمر بالمواقف والقضايا العادلة عند الشدائد والمحن، فالمملكة كانت ولا تزال وستظل نصيرا لدول مجلس التعاون الخليجي، وحريصة على أمنها وسلامة شعوبها، والتاريخ يوثق تلك الحقائق التي توحدت فيها مواقف الدولة الراسخة رغم تباين التحديات والظروف وتشعب الحيثيات.
الوضع الاستثنائي الراهن الذي يعيشه العالم بسبب جائحة كورونا المستجد، هذه الأزمة غير المسبوقة في التاريخ الحديث، والتي توقفت عندها دول العالم أجمع في سبيل البحث عن سبل تجاوز آثارها السلبية التي طالت الاقتصاد الدولي ودورة الحياة الطبيعية في مشارق الأرض ومغاربها، إلا أن هذه الوقائع المؤلمة لم تثن الدول التي تبحث عن أي سبيل يبلغ بها غاياتها المشبوهة وأجنداتها التوسعية وأحلام يقظتها، التي آثرت أن تجعل شعوبها يذهبون ضحية لهذه الجائحة نتيجة نقص الخدمات الصحية وسبل العيش الأساسية، بما كان له الأثر على أرقام الإصابات والوفيات لشعوبهم التي تقع تحت وطأة أنظمة تتخذ من الأفكار الثورية منهجا لسياستها، وتتلمس كل سبيل لتزرع فتيل الفتنة وتنشر كل ما من شأنه زعزعة الأمن والاستقرار، هذه ذات الدول التي حاولت جاهدة ويائسة في نفس الوقت، استغلال وتسخير الأزمة الراهنة لخدمة تلك الأهداف الشيطانية، ولكن حكمة المملكة، ودورها القيادي المعهود، رسم ملامح بداية حل للأزمة، وجدد موقفا راسخا في علاقاتها مع دول مجلس التعاون الخليجي، وسياستها الإقليمية والدولية الشاملة.