«البيض المسلوق هو البيض (غالباً بيض الدجاج) المطهُوّ دون كسر قشرته الخارجية من خلال وضعه في الماء المغلي. والبيض المسلوق تماماً هو الذي تم طهيه حتى أصبح قوام كل من بياضه ومحه متماسكاً وصلباً».
الأهم من التعريف، أن هناك صفحات وفقرات توضح أفضل الطرق في السلق، هل بالماء والملح أو بالأحجار، وكم مدة السلق، وفِي أي إناء يتم السلق الأفضل؟.
ويبقى أغرب ما عثرت عليه وله علاقة بسلق البيض، عادة عند أهل بعض المناطق في الصين مختصرها أنهم دأبوا لأكثر من قرن من الزمان على سلق البيض في بول الذكور غير البالغين -أجلكم الله، وكرم النعمة-؛ لاعتقادهم أنهم بهذه الطريقة يعالجون بعض الأمراض، ويضيفون مذاقاً مميزاً للبيض، الذي يطهى على مدار يوم كامل، وتعد هذه الوجبة من أكلات الشوارع المشهورة لديهم.
النقطة ربما الأبرز، والسؤال الأهم هو لماذا الحديث عن سلق البيض، والحقيقة أن ما دعاني لهذا الأمر أن شاركت في أحد اللقاءات مع مجموعة من الأصدقاء، وكان أحدنا وهو متحدث جيد، وله رأي في أغلب ما يطرح من موضوعات للنقاش، ردد عبارة سلق بيض أكثر من مرة، وفِي ختامه للتعليق على أكثر من موضوع، لذلك توقفت عند هذه المفردة، وشعرت بحالة عدم رضا كبيرة إذا كان أغلب أمور حياتنا أصبحت تعالج كما يرى الزميل الموقر، بطريقة سلق البيض في الماء طبعاً.
المجتمع -أي مجتمع- سواء أكان مجتمعنا النامي المتحفز للتطور والتجديد أو أي مجتمع آخر استقرت فيه آليات التنمية والتحديث، بحاجة دائماً لأن تكون المعالجات، التي تطرح لقضاياه، وما يطرأ فيه من مستجدات بطريقة يظهر فيها الاهتمام، وإعطاء الأمر في التطوير، والتحسين للمختصين، وأصحاب الخبرة، عدا ذلك سنجد الذاكرة الجمعية الشعبية تصف أي معالجات سطحية، وقتية بأنها وجه آخر للإهمال، والتهاون، وأنها عملية سلق بيض لا أكثر.
ثم هناك ملاحظة عامة أزعم بأنها مهمة، وتتعلق بما يمكن أن نسميه الذكاء الاجتماعي، الذي يولد مجموعة من المصطلحات القصيرة، المختصرة، المركزة التي تدل على معنى عام كبير. ولعل أحدها مفهوم سلق بيض، ومثله عبارة تقال في الأحاديث العامة وربما تنطق بطريقة خاصة فيها شيء من التباطؤ مثل مفردة «أي كلام» أو «مشِ حالك» أو «خبص ليص» إلى آخره. كل هذه العبارات وما شابهها، وما في حكمها مؤشرات عدم رضا، وعدم ثقة من الناس. وعندما نسمعها نحن كمراقبين أو دارسين لبعض العلوم الاجتماعية مثل علم الاجتماع السياسي نتوجس منها حذراً، وربما نفهم من كثرة تكرارها بين الناس، وعلى لسان أكثر من شخص، وفِي مناقشة موضوعات مختلفة تنموية أو رياضية أو حتى فنية نخمن أن هناك حالة عامة من التذمر. السكوت عن تفحص حالة التذمر تلك، تقصير وطني وإنساني وعدم مساعدة المختصين ببيانه تقصير ضرره يقع على الجميع.
رضا الناس، كل الناس غاية شبه مستحيلة، ولكن تذمر الناس، أو أغلبهم على الأقل، في ظل وجود إنفاق ومشاريع وخطط من الدولة للتطوير والتنمية يكشف أن هناك خللا حله يتجاوز التعبير بسلق البيض.
@salemalyami